فهمهم الخاص بالمقارنة إلى الشعر العربي وكلام العرب ومن هؤلاء علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ومن أخذ عنهما وقد وقف ابن عباس على رأس المفسرين بالرأي المتخذين شعر العرب وسيلة إلى كشف معاني القرآن وكان علي بن أبي طالب يثني على ابن عباس ويقول: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق.
وفي كامل المبرد وأغاني أبي الفرج الأصبهاني أنه دخل عمر بن أبي ربيعة وهو غلام على ابن عباس وعنده نافع بن الأرزق فقال له ابن عباس: ألا تنشدنا شيئا من شعرك يا ابن أخي؟ فأنشده:
حتى أتمّها وهي ثمانون بيتا فقال له الأزرق: لله أنت يا ابن عباس أنضرب إليك أكباد الإبل نسألك عن الدين ويأتيك غلام من قريش ينشدك سفها فتسمعه فقال: تالله ما سمعت سفها فقال: أما أنشدك؟
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت ... فيخزى وأما بالعشي فيخسر
فقال: ما هكذا قال إنما قال: فيضحى وأما بالعشي فيخصر، قال: أو تحفظ الذي قال؟ فقال والله ما سمعتها إلا ساعتي هذه ثم أنشدها من أولها إلى آخرها فقيل له: ما رأينا أروى منك فقال: ما سمعت شيئا قطّ فنسيته وإني لأسمع صوت النائحة فأسدّ أذني كراهة أن أحفظ ما تقول، ثم إن نافعا اتفق له أنه سأل ابن عباس عن قوله تعالى «لا تظمأ فيها ولا تضحى» قال: لا تعرق فيها من شدة حرّ الشمس قال:
وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول الشاعر «فيضحى» ومن هؤلاء الصحابة الذين يذهبون هذا المذهب ابن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما وتبعهم الحسن البصري وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم.