الخلقة الحسنة القويمة السوية أن رددناه أسفل من سفل خلقا وتركيبا يعني أقبح من قبح صورة وأشوهه خلقة وهم أصحاب النار أو أسفل من سفل من أهل الدركات أو ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل حيث نكسناه في خلقه فتقوّس ظهره بعد اعتداله وابيضّ شعره بعد سواده وتشنّن جلده وكان بضّا وكلّ سمعه وبصره وكانا حديدين وتغير منه كل شيء فمشيه دليف وصوته خفات وقوته ضعف وشهامته خرف» ومن العجيب أن يقول أبو حيان:«وقد أخذ الزمخشري أقوال السلف وحسنها ببلاغته وانتقاء ألفاظه» وبعد أن يورد عبارته بنصها يقول: «وهذا فيه تكثير»(ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) ثم حرف عطف للترتيب مع التراخي ورددناه فعل ماض وفاعل ومفعول به وأسفل سافلين حال من المفعول واختار آخرون أن يكون صفة لمكان محذوف أي مكانا أسفل سافلين فهو ظرف مكان ولا أدري لم غاب عن بال المعربين أنه مفعول ثان لرددناه لأن ردّ تنصب مفعولين قال تعالى: «لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّار حسدا» فالكاف والميم مفعول أول وكفّارا مفعول ثان وحسدا مفعول لأجله لا سيما وقد استوفت شرطها في نصب المفعولين وهو أن تكون بمعنى رجع قال:
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) إلا أداة استثناء والذين في محل نصب على الاستثناء المتصل إذا اعتبرنا المعنى الأول الذي أورده الزمخشري أو على الاستثناء المنقطع إذا اعتبرنا المعنى الثاني وعندئذ تكون إلا بمعنى لكن والذين مبتدأ خبره جملة فلهم أجر، وجملة آمنوا لا محل لها لأنها صلة الذين وعملوا الصالحات عطف على الصلة داخل في حيّزها والفاء رابطة لما في الموصول من معنى الشرط ولهم خبر مقدّم وأجر مبتدأ مؤخر وغير ممنون نعت لأجر