حقا هو مذهب الكسائي ومن تبعه لأنه ليس قبله ولا بعده شيء يكون كلا ردا له كما قالوا: كلا والقمر فإنهم قالوا معناه إي والقمر ومذهب أبي حيان أنها بمعنى ألا الاستفتاحية وصوّبه ابن هشام لكسر همزة إن بعدها أي لكونه مظنة جملة كما بعد حرف التنبيه نحو ألا إنهم هم المفسدون ولو كانت بمعنى حقا لما كسرت إن بعدها لكونها مظنة مفرد، أما الكواشي فأجاز في كلا أن تكون تنبيها فيقف على ما قبلها وردعا فيقف عليها، أما ابن خالويه فقد لفّق تلفيقا عجيبا مضحكا قال:
«كلا يبتدأ به هاهنا لأنه بمعنى نعم حقا وليس ردا» وهذا كلام لا مفهوم له، والحق أن كلا حرف ردع وزجر كما قال سيبويه وقال الزجّاج كلا ردع وتنبيه وذلك قولك كلا لمن قال لك شيئا تنكره نحو فلان يبغضك وشبّهه أي ارتدع عن هذا وتنبه عن الخطأ فيه قال الله تعالى بعد قوله:
ربي أهانن كلا أي ليس الأمر كذلك لأنه قد يوسع في الدنيا على من لا يكرمه من الكفار وقد يضيق على الأنبياء والصالحين للاستصلاح (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) أن حرف مصدري ونصب وهي مع مدخولها في تأويل مصدر مفعول لأجله ورآه فعل ماض والفاعل هو والهاء مفعول به أول وجملة استغنى مفعول به ثان والهاء تعود على الإنسان ومعناه أن رأى نفسه، وعبارة ابن خالويه جيدة قال: فإن قيل لك: فهل يجوز أن تقول زيد ضربه والهاء لزيد؟ فقل ذلك غير جائز إنما الصواب ضرب زيد نفسه لأن الفاعل بالكلية لا يكون مفعولا بالكلية وإنما جاز ذلك في أن رآه لأنه من أفعال الشك والعلم نحو ظننتني فإذا ثنّيت هذا الحرف قلت إن الإنسانين ليطغيان أن رأياهما استغنيا وكلا إن الأناسي ليطغون أن رأوهم استغنوا وتقول للمرأة إذا خاطبتها كلا إنك لتطغين أن رأيتك استغنيت وكلا إنكما لتطغيان أن رأيتما كما استغنيتما وكلا إنكنّ لتطغين أن رأيتنّكنّ استغنيتنّ» (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى)
كلام مستأنف مسوق لمخاطبة الإنسان الطاغي بطريق الالتفات وإن حرف مشبه بالفعل وإلى