٤- والفن الرابع في هذه الآية هو:«فن الاحتراس» . لأن الكلام لو عطف بالواو مثلا لظن قصار النظر أنهم إنما وعدوا بالنصر في تلك الحالة ليس غير، فدفع هذا الظن بكلمة «ثم» التي تقطع قطعا لا يرين عليه الشك، بأن النتيجة الحتمية هي النصر المؤزر للمؤمنين، خشية أن يظن بعض الذين لا يحبون المسارعة الى الموت بأن الوعد بالنصر في تلك الحالة فقط، وأن الحرب قد تكون سجالا، وأنه قد يأتي دورهم بالنصر، فنفى سبحانه هذا الاحتمال، وقطع على هؤلاء الظانين الطريق لالتماس المعاذير للتخلف عن الجهاد.
٥- والفن الخامس: هو الإيغال أي عدم الوقوف عند تولية الأدبار مع تمام الكلام، فأتم بما يوافق بقية الفواصل مع ما يكمل به المعنى التام.
٦- ثم جاءت الآية الثانية مكملة للفنون التي تضمنتها الآيتان وذلك على الوجه التالي:
آ- الكناية التي هي هنا عبارة عن نسبة، وقد تقدم ذكرها، وهي في ضرب الذلة والمسكنة عليهم كما يضرب البيت أو القبة على أهلهما على حد قول أبي الطيب المتنبي:
إن في ثوبك الذي المجد فيه ... لضياء يزري بكل ضياء
ب- الاستعارة التمثيلية في تشبيه التمسك بأسباب السلامة بالتمسك بالحبل الوثيق وقد تدلى من مكان عال، فهو آمن من مغبة السقوط والخذلان والارتطام.