ويكون أصل الكلام: والسدس لأبويه لكل واحد منهما. ومقتضى الاقتصار على المبدل منه التشريك بينهما في السدس، كما قال:«فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك» فاقتضى اشتراكهما فيه فيقتضي البدل لو قدر إهدار الأول افراد كل واحد منهما بالسدس وعدم التشريك، وهذا يناقض حقيقة هذا النوع من البدل لأنه يلزم في هذا النوع أن يكون مؤدى المبدل والبدل واحدا، وإنما فائدته التأكيد بمجموع الاسمين لا غير بلا زيادة معنى، فاذا تحقق ما بينهما من التباين تعذرت البدلية المذكورة، ولا يصح أن يكون من يدل التقسيم أيضا على هذا الإعراب، وإلا لزم زيادة معنى في البدل فالوجه إذن أن يقدر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: ولأبويه الثلث، ثم لما ذكر نصيبهما مجملا فصله بقوله: ولكل واحد منهما السدس، وساغ حذف المبتدأ لدلالة التفصيل عليه ضرورة، إذ يلزم من استحقاق كل واحد منهما للسدس استحقاقهما معا للثلث، والله أعلم. ولا يستقيم أيضا على هذا الوجه جعله من بدل التقسيم ألا تراك لو قلت: الدار كلها لثلاثة: لزيد ولعمر ولخالد، كان هذا بدلا وتقسيما صحيحا، لأنك لو حذفت المبدل منه فقلت: الدار لزيد ولعمر ولخالد، ولم تزد في البدل زيادة استقام، فلو قلت: الدار لثلاثة: لزيد ثلثها ولعمرو ثلثها ولخالد ثلثها، لم يستقم بدل تقسيم، إذ لو حذفت المبدل منه لصار الكلام: الدار لزيد ثلثها ولعمر ثلثها ولخالد ثلثها، فهذا كلام مستأنف لأنك زدت فيه معنى تمييز ما لكل واحد منهم، وذلك لا يعطيه المبدل، ولا سبيل في بدل الشيء من الشيء الى زيادة معنى.
ولهذا كان لا بد من إعراب لكل واحد خبرا لمبتدأ محذوف، كأنه قيل: ولأبويه الثلث، أي لكل منهما السدس. وهذا من الدقة بمكان.