للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ، ثُمَّ عَادَتْ شَرَائِطُ الْوَقْفِ إِلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى فِيهَا حَيًّا لَاسْتَحَقَّ، أُقِيمَ أَقْرَبُ الطَّبَقَاتِ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ مَقَامَهُ، وَعَادَ لَهُ مَا كَانَ يَعُودُ لِمُتَوَفَّاهُ لَوْ كَانَ حَيًّا، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، فَتُوُفِّيَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ تُدْعَى فَاطِمَةُ وَتَرَكَتْ بِنْتَ عَمِّهَا سِتَّ الْيُمْنِ وَأَوْلَادَ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ لِسِتِّ الْيُمْنِ، مَاتَتِ الْأَخَوَاتُ قَبْلَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْوَقْفِ إِلَيْهِنَّ وَبَقِيَ أَوْلَادُهُنَّ، فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ لِسِتِّ الْيُمْنِ وَحْدَهَا أَوْ يُشَارِكُهَا فِيهِ أَوْلَادُ أَخَوَاتِهَا؟ .

فَأَجَابَ الشَّيْخُ تقي الدين السبكي: يَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ لِسِتِّ الْيُمْنِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، قَالَ: وَقَدْ تَعَارَضَ فِي هَذَا الْوَقْفِ عُمُومَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ حَجْبِ كُلِّ شَخْصٍ وَلَدَهُ خَاصَّةً وَمِنْ حَجْبِهِ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى بِكَمَالِهَا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ يُقَامُ أَقْرَبُ الطَّبَقَاتِ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ مَقَامَهُ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ مِنْ طَبَقَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ أَوْ لَا، فَحَجْبُ كُلِّ شَخْصٍ لِوَلَدِهِ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَمَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي إِقَامَةِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى مَقَامَهُ عِنْدَ وُجُودِ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَفِي مِثْلِ هَذَا التَّعَارُضِ يُحْتَاجُ إِلَى التَّرْجِيحِ، وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ أَنَّ الْعَمَلَ هُنَا بِعُمُومِ قَوْلِهِ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، لَا يُوجِبُ إِلْغَاءَ قَوْلِهِ: أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ يُقَامُ وَلَدُهُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّا نَعْمَلُ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ وَنُقِيمَ الْوَلَدَ مَقَامَ وَالِدِهِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ فِيهِ إِلْغَاءَ قَوْلِهِ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى.

وَبَيَانُهُ أَنَّ حَجْبَ الشَّخْصِ غَيْرَ وَلَدِهِ خَارِجٌ مِنْهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَحَجْبُهُ وَلَدَهُ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَوْ كَانَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ مَا يُدْخِلُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقَفَ عَلَى الْأَقْرَبِ، فَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْوَلَدِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ فِيهِ، حَتَّى يُحْتَرَزَ مِنْهُ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ تَأْكِيدٌ، وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ - هَذَا جَوَابُ السبكي بِحُرُوفِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي فَتَاوِيهِ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ لَكَانَ فِيهِ كِفَايَةٌ لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ نَسُوقُهَا.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي: سُئِلَ السبكي عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى الْمُجْبَرِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ أَحْمَدَ وَعَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا، وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ وَإِنْ سَفَلَ كَانَ نَصِيبُهُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ وَلَهُ أَوْلَادٌ وَإِنْ سَفَلُوا وَآلَ الْأَمْرُ إِلَيْهِمُ اسْتَحَقُّوا، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، وَتُوُفِّيَ الْمُجْبَرُ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ بِنْتُهُ زَيْنَبُ، ثُمَّ وَلَدُهُ أَحْمَدُ، وَتَرَكَ أَوْلَادًا: أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الْمُحْسِنِ وَشَامِيَّةَ، وَتُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجْبَرِ وَتَرَكَتْ بِنْتَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>