للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَى مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ: اسْتَحَقَّ مَعَ فَقْدِ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَقَطْ، وَالْمَعْنَيَانِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ عَلَى السَّوَاءِ، فَقُدِّمَ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ مَعًا؛ لِقُوَّتِهِمَا وَأُخِّرَ هَذَا الْمُحْتَمَلُ لِيُعْمَلَ بِهِ فِي صُورَةٍ لَمْ يُعَارِضَاهُ فِيهَا، وَهُوَ مَا إِذَا فُقِدَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ وَأَقْرَبُ؛ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي سُؤَالِ السُّبْكِيِّ لَفْظٌ هُوَ نَصٌّ، وَكَانَ فِيهِ لَفْظٌ ظَاهِرٌ، وَهُوَ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى، وَلَفْظٌ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، إِلَى آخِرِهِ، وَقَدْ تَعَارَضَا، رَجَّحَ الْعَمَلَ بِالظَّاهِرِ عَلَى الْمُحْتَمَلِ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْإِفْتَاءِ فِيهَا بِالْمُشَارَكَةِ، فَذَاكَ لِكَوْنِ لَفْظِ السُّؤَالِ فِيهَا مُخَالِفًا لِلَفْظِ هَذَا السُّؤَالِ، وَالْأَجْوِبَةُ فِي الْأَوْقَافِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ مَبْنَاهَا عَلَى مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ، فَمَتَى اخْتَلَفَ بِتَغْيِيرٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ بِحَسَبِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَقْرِيرٌ آخَرُ يُوَضِّحُ مَا تَقَدَّمَ: قَوْلُ الْوَاقِفِ: "عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا نَسْلٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إِلَى الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ، وَيُقَدَّمُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْإِخْوَةُ عَلَى غَيْرِهِمْ " اشْتَمَلَ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ إِلَى شُعَبِ الْوَلَدِ بِهِ. الثَّانِي أَنَّهُ عِنْدَ فَقْدِ شُعَبِ الْوَلَدِ بِهِ يَنْتَقِلُ إِلَى نَوْعِ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ، فَقَوْلُهُ: يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إِلَى الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ، رَاجِعٌ إِلَى شُعَبِ الْوَلَدِ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْإِخْوَةُ عَلَى غَيْرِهِمْ، رَاجِعٌ إِلَى نَوْعِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، خَاصًّا بِأَهْلِ الدَّرَجَةِ وَلَيْسَ رَاجِعًا إِلَى شُعَبِ الْأَوْلَادِ، لَمْ يَقُلْ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ عَلَيْهِ: وَيُقَدَّمُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ، بَلْ كَانَتِ الْعِبَارَةُ: يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَلَمَّا خَصَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِأَهْلِ الدَّرَجَةِ عُرِفَ أَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي قَبْلَهَا إِمَّا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَإِمَّا خَاصَّةٌ بِشُعَبِ الْأَوْلَادِ، فَكَمَا أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الدَّرَجَةِ إِخْوَةٌ وَغَيْرُهُمْ وَكَانَ فِي غَيْرِ الْإِخْوَةِ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَاسْتَحَقَّ، لَمْ يُعْطَ شَيْئًا مَعَ الْإِخْوَةِ؛ عَمَلًا بِتَنْصِيصِ الْوَاقِفِ عَلَى تَقْدِيمِ الْإِخْوَةِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ مَعَ الْأَوْلَادِ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ مَاتَ آبَاؤُهُمْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَاسْتَحَقُّوا، لَا يُعْطَوْنَ مَعَ الْأَوْلَادِ شَيْئًا، عَمَلًا بِتَنْصِيصِ الْوَاقِفِ فِي هَذَا النَّوْعِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ إِلَى الْمُتَوَفَّى مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبِ.

وَلْنَسُقْ عِبَارَةَ السبكي فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ لِتُسْتَفَادَ:

الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ: سُئِلَ السبكي عَنِ امْرَأَةٍ وَقَفَتْ عَلَى ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ تُوُفِّيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَدًا فَلِإِخْوَتِهِ الْأَشِقَّاءِ، ثُمَّ لِغَيْرِ الْأَشِقَّاءِ، ثُمَّ إِلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ طَبَقَتِهِ، ثُمَّ لِأَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إِلَى الطَّبَقَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>