أَخَاهُ لِأَبِيهِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِأَخِي الْمَرْأَةِ وَلَا يَكُونُ لِأَخِي ابْنِهَا مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِابْنِهَا ابْنَةٌ لَمْ تَرِثْ مِنْ مِيرَاثِ الْمَوْلَى شَيْئًا، هَذَا نَصَّهُ بِحُرُوفِهِ وَهُوَ أَصْرَحُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي عَقْدِ مَوَالِي الْمَرْأَةِ وَمِيرَاثِهِمْ وَجَرِّ الْوَلَاءِ وَنَقْلِهِ: وَعَقْلُ مَوَالِي الْمَرْأَةِ عَلَى قَوْمِهَا وَمِيرَاثُهُمْ لَهَا، وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ لِوَلَدِهَا الذُّكُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ، فَذَلِكَ لِذُكُورِ وَلَدِ وَلَدِهَا دُونَ الْإِنَاثِ، وَيَنْتَمِي مَوْلَاهَا إِلَى قَوْمِهَا كَمَا كَانَتْ هِيَ تَنْتَمِي، وَإِذَا انْقَرَضَ وَلَدُهَا وَوَلَدُ وَلَدِهَا رَجَعَ مِيرَاثُ مَوَالِيهَا لِعَصَبَتِهَا الَّذِينَ هُمْ أَقْعَدُ بِهَا يَوْمَ يَمُوتُ الْمَوْلَى دُونَ عَصَبَةِ الْوَلَدِ. وَقَالَهُ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَفِي كِتَابِ الرَّابِضِ فِي خُلَاصَةِ الْفَرَائِضِ، تَأْلِيفُ أبي محمد عبد الله بن أبي بكر بن يحيى بن عبد السلام المالكي، مَا نَصُّهُ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَرَكَتْ مَوَالِيَ، فَمِيرَاثُهُمْ كَمِيرَاثِ مَوْلَى الرَّجُلِ إِلَّا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ يَرِثُهُمْ بَنُوهَا وَبَنُو بَنِيهَا وَإِنْ سَفَلُوا، فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ الْمِيرَاثُ بِالْوَلَاءِ إِلَى عَصَبَةِ الْأُمِّ دُونَ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَنُوهَا مِنْ عَصَبَتِهَا، فَتَكُونُ عَصَبَتُهُمْ مِنْ عَصَبَتِهَا، قَالَهُ ابن القاسم، وَفِي الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيِّ مَا نَصُّهُ: لَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَةَ مَاتَ ابْنُهَا بَعْدَهَا وَقَبْلَ مَوْلَاهَا وَتَرَكَ عَصَبَةً كَأَعْمَامِهِ وَبَنِي أَعْمَامِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ أَخَا مَوْلَاتِهِ وَعَصَبَةَ أَبِيهَا يَصِيرُ إِرْثُهُ لِأَخِي مَوْلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ لَوَرِثَهَا أَخُوهَا وَعَصَبَتُهَا، فَإِنِ انْقَرَضَ عَصَبَتُهَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ عَصَبَةِ ابْنِهَا، يُرْوَى نَحْوُ هَذَا عَنْ علي، وَبِهِ قَالَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وعطاء وطاوس وَالزُّهْرِيُّ وقتادة وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَرُوِيَ عَنْ علي رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لِعَصَبَةِ الِابْنِ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عمر وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ شريح، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ كَمَا يُورَثُ الْمَالُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أحمد نَحْوُ هَذَا، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ ريان بن حذيفة تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ غِلْمَةٍ، فَمَاتَتْ أُمُّهُمْ، فَوَرِثُوا عَنْهَا وَلَاءَ مَوَالِيهَا وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَصَبَةَ بَنِيهَا، فَأَخْرَجَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتُوا، فَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَمَاتَ مَوْلَاهَا وَتَرَكَ مَالًا، فَخَاصَمَهُ إِخْوَتُهَا إِلَى عمر، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا أَحْرَزَ الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ» " وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ: فَنَحْنُ فِيهِ إِلَى السَّاعَةِ. رَوَاهُ أبو داود وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا، قَالَ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ، وَهُوَ بَاقٍ لِلْمُعْتِقِ يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَصَبَاتِهِ لَمْ يَرِثْ شَيْئًا، وَعَصَبَاتُ الِابْنِ غَيْرُ عَصَبَاتِ أُمِّهِ، فَلَا يَرِثُ الْأَجَانِبُ مِنْهَا بِوَلَائِهَا دُونَ عَصَبَاتِهَا، وَحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute