وأبو الحسن بن الحصار، وأبو عامر بن الربيع، وأبو الحسن بن حبيب، وأبو حبيب المالقي، وابن المنير، وابن رشد، وابن أبي جمرة، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ.
وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ، والسراج القزويني، وَأَلَّفَ فِي ذَمِّهِ كِتَابًا - سَمَّاهُ: " نَصِيحَةُ الْمُسْلِمِ الْمُشْفِقِ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِحُبِّ عِلْمِ الْمَنْطِقِ " وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ ابن الجوزي، وسعد الدين الحارثي، والتقي ابن تيمية، وَأَلَّفَ فِي ذَمِّهِ وَنَقْضِ قَوَاعِدِهِ مُجَلَّدًا كَبِيرًا - سَمَّاهُ " نَصِيحَةُ ذَوِي الْأَيْمَانِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْطِقِ الْيُونَانِ " وَقَدِ اخْتَصَرْتُهُ فِي نَحْوِ ثُلُثِ حَجْمِهِ - وَأَلَّفْتُ فِي ذَمِّ الْمَنْطِقِ - مُجَلَّدًا سُقْتُ فِيهِ نُصُوصَ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ: إِنَّ الْمَنْطِقَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، يُقَالُ لَهُ: إِنَّ عِلْمَ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ لَيْسَتْ فَرْضَ عَيْنٍ بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَكَيْفَ يَزِيدُ الْمَنْطِقُ عَلَيْهَا؟ ! فَقَائِلُ هَذَا الْكَلَامِ: إِمَّا كَافِرٌ، أَوْ مُبْتَدِعٌ، أَوْ مَعْتُوهٌ لَا يَعْقِلُ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ أَكْذَبِ الْكَذِبِ، وَأَبْلَغِ الِافْتِرَاءِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْفِيرُ غَالِبِ الْمُسْلِمِينَ الْمَقْطُوعِ بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ الْمَنْطِقَ فِي نَفْسِهِ حَقٌّ لَا ضَرَرَ فِيهِ لَمْ يَنْفَعْ فِي التَّوْحِيدِ أَصْلًا، وَلَا يُظَنُّ أَنَّهُ يَنْفَعُ فِيهِ إِلَّا مَنْ هُوَ جَاهِلٌ بِالْمَنْطِقِ لَا يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْطِقَ إِنَّمَا بَرَاهِينُهُ عَلَى الْكُلِّيَّاتِ، وَالْكُلِّيَّاتُ لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْخَارِجِ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى جُزْئِيٍّ أَصْلًا، هَكَذَا قَرَّرَهُ الْمُحَقِّقُونَ الْعَارِفُونَ بِالْمَنْطِقِ، فَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ اسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمَنْطِقَ، وَلَا يُحْسِنُهُ، فَيَلْزَمُ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنَّهُ مُشْرِكٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ التَّوْحِيدَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَهُوَ لَمْ يَعْرِفْهُ بَعْدُ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِذَلِكَ أَنَّ إِيمَانَ الْمُقَلِّدِ لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِيمَانُ الْمُسْتَدِلِّ قُلْنَا: لَمْ يُرِيدُوا بِالْمُسْتَدِلِّ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَنْطِقِ، بَلْ أَرَادُوا مُطْلَقَ الِاسْتِدْلَالِ، الَّذِي هُوَ فِي طَبْعِ كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى فِي طَبْعِ الْعَجَائِزِ، وَالْأَعْرَابِ، وَالصِّبْيَانِ، كَالِاسْتِدْلَالِ بِالنُّجُومِ عَلَى أَنَّ لَهَا خَالِقًا، وَبِالسَّمَاءِ، وَالْأَنْهَارِ، وَالثِّمَارِ، وَغَيْرِهَا، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَنْطِقٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَالْعَوَامُّ وَالْأَجْلَافُ كُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ بِهَذَا الطَّرِيقِ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ لِلْمُتَكَلِّمِ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ هَذَا شَيْءٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا لِلْقُرْآنِ، الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا الْجَاهِلُ أَنْ يُلْحِقَ الْمَنْطِقَ - الَّذِي هُوَ مِنْ وَضْعِ الْكُفَّارِ - بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا، وَالْعَجَبُ مِنْ حُكْمِهِ عَلَى اللَّهِ بِالْبَاطِلِ، وَالْإِخْبَارُ بِمَقَادِيرِ الثَّوَابِ لَا يُتَلَقَّى إِلَّا مِنْ صَاحِبِ النُّبُوَّةِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْمَنْطِقَ فَفَتْوَاهُ لَا تَصِحُّ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute