الْجَوَابُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْحَمْدِ فِي الْأَزَلِ ... ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ خَاتَمِ الرُّسُلِ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَقْوَالٌ وَعِدَّتُهَا ... لِنَحْوِ خَمْسِينَ قَوْلًا يَا أَخِي صَلِّ
فَقِيلَ دَائِرَةٌ فِي الْعَامِ أَجْمَعِهِ ... وَقِيلَ بَلْ نِصْفُ شَعْبَانٍ بِلَا زَلَلِ
وَرَجَّحُوا كَوْنَهَا شَهْرَ الصِّيَامِ أَتَتْ ... وَذَاكَ ظَنٌّ قَوِيٌّ بِالدَّلِيلِ جَلِي
وَكَوْنُهَا فِيهِ دَارَتْ قَوْلُ طَائِفَةٍ ... وَكَوْنُهَا فِي الْأَخِيرِ الْعَشْرِ فَهْوَ جَلِي
وَذَاكَ ظَنٌّ بِلَا قَطْعٍ وَأَوَّلُهَا ... مِنَ الْغُرُوبِ إِلَى فَجْرِ الصَّبَاحِ جَلِي
وَمَنْ يَقُمْ نِصْفَ لَيْلٍ أَوْ أَقَلَّ حَوَى ... فَضْلَ الْقِيَامِ بِهَا فَاقْصِدْ بِلَا وَجَلِ
بَلْ مَنْ يُصَلِّي الْعِشَا وَالصُّبْحَ ثُمَّتْ فِي ... جَمَاعَةٍ حَازَ مِنْهَا الْحَظَّ فِي الْأَمَلِ
كَذَا أَتَى فِي حَدِيثٍ صَحَّ مُسْنَدُهُ ... فَاقْبَلْهُ طَوْعًا وَكُنْ فِي الدِّينِ ذَا عَمَلِ
هَذَا جَوَابُ ابْنِ الْأَسْيُوطِيِّ مُرْتَجِيًا ... مِنْ فَضْلِ خَالِقِهِ الْغُفْرَانَ لِلزَّلَلِ
بِرَوْضَةِ الْمُشْتَهِي خَطَّ الْجَوَابِ لَدَى ... شَوَّالٍ مِنْ عَامِ تِسْعِينَ بِلَا مَلَلِ
مَسْأَلَةٌ: فِي كَيْفِيَّةِ الْوَحْيِ مِنَ اللَّهِ، هَلْ يَتَلَقَّاهُ الْمَلَكُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِكَلَامٍ يَفْهَمُهُ الْمَلَكُ أَوْ بِالْعَرَبِيَّةِ لِلنَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ لِلنَّبِيِّ الْعِبْرَانِيِّ، وَهَلْ يُلْقِيهِ الْمَلَكُ إِلَى جِبْرِيلَ أَوْ جِبْرِيلُ الْمُتَلَقِّي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] وَفُسِّرَ بِنُزُولِهِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ، مَا كَيْفِيَّةُ نُزُولِهِ إِلَيْهِ؟ وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِلْقَلَمِ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، هَلْ يَكُونُ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يُلْهِمُهُ لِلْقَلَمِ أَوْ بِإِمْلَاءٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَكَيْفَ أَخَذَ الْمَلَكُ الْوَحْيَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟ هَلْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُ: الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ يَقَعُ فِيهِ كَذَا خُذْهُ مِنَ اللَّوْحِ؟ أَوْ يَوْمَ يَقَعُ فِيهِ يَقُولُ لَهُ: خُذْهَا وَأَلْقِهَا إِلَى النَّبِيِّ؟ وَهَلْ تَنَامُ الْمَلَائِكَةُ؟ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠] هَلِ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ الْوَحْيِ مَلَكٌ أَوْ ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ.
الْجَوَابُ: قَالَ الأصبهاني فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ: اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْإِنْزَالِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِظْهَارُ الْقِرَاءَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْهَمَ كَلَامَهُ جِبْرِيلَ وَعَلَّمَهُ قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ جِبْرِيلُ أَدَّاهُ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ الطيبي فِي حَاشِيَةِ الْكَشَّافِ: لَعَلَّ نُزُولَ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَلَقَّفَهُ الْمَلَكُ مِنَ اللَّهِ تَلَقُّفًا