للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ سَمَاعًا مِنْ إِسْرَافِيلَ، وَإِسْرَافِيلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا، وَيُقَالُ: جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِمَا يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ مُتَفَرِّقًا.

وَقَدْ نَظَرْتُ فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ فَوَجَدْتُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةً، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ النواس بن سمعان مَرْفُوعًا: " «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ أَخَذَتِ السَّمَاءُ رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاءِ صَعِقُوا وَخَرُّوا سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلُهُمْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلَ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، فَيَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ أَهْلُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا؟ قَالَ: الْحَقَّ، فَيَنْتَهِي بِهِ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ» " وَأَخْرَجَ ابن مردويه مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: " «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَلْصَلَةً فَيَفْزَعُونَ» " الْحَدِيثَ، هَذَانِ الْحَدِيثَانِ شَاهِدَانِ لِلْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ جِبْرِيلَ يَسْمَعُ الْوَحْيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ عَنِ ابن سابط قَالَ: " فِي أُمِّ الْكِتَابِ كُلُّ شَيْءٍ هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وُكِّلَ بِهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَوُكِّلَ جِبْرِيلُ بِالْكُتُبِ وَالْوَحْيِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالنَّصْرِ عِنْدَ الْحُرُوبِ، وَبِالْهَلَكَاتِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَ قَوْمًا، وَوُكِّلَ مِيكَائِيلُ بِالْقَطْرِ وَالنَّبَاتِ، وَوُكِّلَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الْأَنْفُسِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَارَضُوا بَيْنَ حِفْظِهِمْ وَبَيْنَ مَا كَانَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ فَيَجِدُونَهُ سَوَاءً ". فَهَذَا شَاهِدٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ: أَنَّ جِبْرِيلَ حَفِظَ الْوَحْيَ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ يُنَاجِيهِ إِذِ انْشَقَّ أُفُقُ السَّمَاءِ وَنَزَلَ مَلَكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِيًّا مَلِكًا أَوْ نَبِيًّا عَبْدًا، قَالَ: فَقُلْتُ: نَبِيٌّ عَبْدٌ، فَعَرَجَ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِسْرَافِيلُ، خَلَقَهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَافًّا قَدَمَيْهِ لَا يَرْفَعُ طَرْفَهُ، بَيْنَ يَدَيْهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِي شَيْءٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ اللَّوْحُ فَضَرَبَ جَبْهَتَهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِي أَمَرَنِي بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مِيكَائِيلَ أَمَرَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَمَلِ مَلَكِ الْمَوْتِ أَمَرَهُ بِهِ» " الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنْ كعب قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ أَمْرًا جَاءَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ حَتَّى يُصَفِّقَ جَبْهَةَ إِسْرَافِيلَ فَيَرْفَعَ رَأْسَهُ فَيَنْظُرَ، فَإِذَا الْأَمْرُ مَكْتُوبٌ، فَيُنَادِي جِبْرِيلَ فَيُلَبِّيهِ، فَيَقُولُ: أُمِرْتَ بِكَذَا أُمِرْتَ بِكَذَا، فَيَهْبِطُ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ فَيُوحِي إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ عَنْ أبي بكر الهذلي قَالَ: إِذَا أَمَرَ اللَّهُ بِالْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>