للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ مِنْ صِيَغِ التَّجْرِيحِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، قَالَ الذهبي: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ مَا رَوَاهُ عَنِ الحكم بن مقسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوَتْرَ» ، قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ لَهُ عَنِ الحكم عِدَّةُ أَحَادِيثَ، مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنَ الْحَكَمِ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ: «مَا هَلَكَتْ أُمَّةٌ إِلَّا فِي آدَارَ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي آدَارَ» . وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. انْتَهَى كَلَامُ الذهبي. وَقَالَ المزني فِي تَهْذِيبِهِ: أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ لَهُ مَنَاكِيرُ، مِنْهَا حَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوَتْرَ» ، قَالَ: وَقَدْ ضَعَّفَهُ أحمد وَابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وأبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ والأحوص بن المفضل الغلابي، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الجوزجاني: سَاقِطٌ، وَقَالَ أبو علي النيسابوري: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ صالح بن محمد البغدادي: ضَعِيفٌ، لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ معاذ العنبري: كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْهُ: أَرْوِي عَنْهُ؟ قَالَ: لَا تَرْوِ عَنْهُ ; فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَذْمُومٌ. انْتَهَى. وَمَنِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَضْعِيفِهِ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ، مَعَ أَنَّ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ الْمُطَّلِعَيْنِ الْحَافِظَيْنِ الْمُسْتَوْعِبَيْنِ حَكَيَا فِيهِ مَا حَكَيَا وَلَمْ يَنْقُلَا عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ وَثَّقَهُ وَلَا بِأَدْنَى مَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ، وَقَدْ قَالَ الذهبي، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ فِي نَقْدِ الرِّجَالِ: لَمْ يَتَّفِقِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ عَلَى تَجْرِيحِ ثِقَةٍ وَلَا تَوْثِيقِ ضَعِيفٍ، وَمَنْ يُكَذِّبُهُ مِثْلُ شُعْبَةَ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى حَدِيثِهِ، مَعَ تَصْرِيحِ الْحَافِظَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ نَقْلًا عَنِ الْحُفَّاظِ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ فِي رَدِّهِ، وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمَرْدُودِ بِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «أَنَّ عائشة سُئِلَتْ عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» .

الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عمر أَنَّهُ قَالَ فِي التَّرَاوِيحِ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ، فَسَمَّاهَا بِدْعَةً، يَعْنِي بِدْعَةً حَسَنَةً، وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمُ الشَّيْخُ عز الدين بن عبد السلام، حَيْثُ قَسَّمَ الْبِدْعَةَ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَقَالَ: وَمِثَالُ الْمَنْدُوبَةِ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ النووي فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الْمُحْدَثَاتُ فِي الْأُمُورِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا أُحْدِثَ مِمَّا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ أَثَرًا أَوْ إِجْمَاعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>