الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ: " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا أَنْ لَا تُخْلِفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَصَلَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» " وَأَخْرَجَ أحمد فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ إِلَى حفصة رَجُلًا وَقَالَ: احْتَفِظِي بِهِ، فَغَفَلَتْ عَنْهُ وَمَضَى فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَطَعَ اللَّهُ يَدَكِ " فَفَزِعَتْ فَقَالَ: " إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَيُّمَا إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ مَغْفِرَةً» قَالَ ابن العاص مِنْ أَصْحَابِنَا وَتَبِعَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ شَاءَ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَيَكُونُ فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى الْوَالِي إِذَا شَقَّ وَنَحْوَهُ دُعَاءٌ بِسَبَبٍ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا فَالْمَقْصُودُ بِالْأَوَّلِ الدُّعَاءُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا عَلَى مُبْهَمٍ.
مَسْأَلَةٌ: " «أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ، وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ» " هَلْ هُوَ وَارِدٌ؟ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ نجم الدين الْكَبْرَا أَنَّ الذِّكْرَ يَقْطَعُ لُقَيْمَاتِ الْحَرَامِ، هَلْ لَهُ مَحْمَلٌ؟ وَهَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَارِدٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةً مِنْ حَدِيثِ عائشة مَرْفُوعًا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ نجم الدين الْكَبْرَا جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَمَحْمَلُهُ عَلَى لُقَيْمَاتٍ يَسِيرَةٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: لُقَيْمَاتٌ - بِالتَّصْغِيرِ - يَأْكُلُهَا الْإِنْسَانُ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْحَرَامِ عَلَى الدُّنْيَا، كَمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبَاحُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابن عبد السلام وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ الدُّنْيَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ قَدْرَ الْقُوتِ، كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ قِيلَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا دَمًا عَبِيطًا كَانَ قُوتُ الْمُؤْمِنِ مِنْهَا حَلَالًا، وَمَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ فَإِنَّهُ يُورِثُ ظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: ١٠٠] فَالذِّكْرُ يُنَوِّرُهُ وَيَمْحَقُ تِلْكَ الظُّلْمَةَ كَمَا أَنَّ الدَّوَاءَ يُذْهِبُ الْأَخْلَاطَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ الْمَذْمُومِ وَيَقْطَعُهَا {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] .
مَسْأَلَةٌ: حَدِيثُ " «مَرَّ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَى عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ: وَجَبَتْ» " إِلَى آخِرِهِ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ يُعْمَلُ بِظَاهِرِهِ؟ وَهَلْ يَكُونُ ثَنَاءُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مُوجِبًا لِلْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ بِحَسَبِ الثَّنَاءِ؟ أَوِ الْعِبْرَةُ بِثَنَاءِ الْأَكْثَرِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute