للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّنَاءُ مِنْ عَدْلٍ خَيِّرٍ صَالِحٍ لِلتَّزْكِيَةِ، كَذَا حَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ ثَنَاءُ مَنْ ذُكِرَ مُوجِبًا لِذَاتِهِ بَلْ عَلَامَةٌ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ثَنَاءِ الْأَكْثَرِ، بَلْ ثَنَاءُ الِاثْنَيْنِ كَافٍ، وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَفِي حِفْظِي أَنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّهُ يَكْفِي ثَنَاءُ الْوَاحِدِ أَيْضًا، وَلَا يَحْضُرُنِي الْآنَ مَنْ خَرَّجَهُ لِأَنِّي كَتَبْتُ هَذِهِ الْأَحْرُفَ عَلَى عَجَلٍ.

مَسْأَلَةٌ: فِيمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] قَالَ: سَبْعُ أَرَضِينَ، فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمِكُمْ وَنُوحٌ كَنُوحِكُمْ وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمِكُمْ وَعِيسَى كَعِيسَاكُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنِّي لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى مُتَابِعًا، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَهَلْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ مِنَ الْبَشَرِ أَوْ مِنَ الْجِنِّ أَوْ خَلْقٌ آخَرُ؟ وَهَلْ كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ مُقَارِنًا لِمِثْلِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ الْبَشَرِ فِي الزَّمَانِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟

الْجَوَابُ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْبَيْهَقِيِّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ صِحَّةُ الْمَتْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَصِحَّ الْإِسْنَادُ وَيَكُونُ فِي الْمَتْنِ شُذُوذٌ أَوْ عِلَّةٌ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَإِذَا تَبَيَّنَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَقَامِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ الْأَحَادِيثُ الضَّعِيفَةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ النُّذُرُ الَّذِينَ كَانُوا يُبَلِّغُونَ الْجِنَّ عَنْ أَنْبِيَاءِ الْبَشَرِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمْ بِاسْمِ النَّبِيِّ الَّذِي بَلَّغَ عَنْهُ.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ تَنَامُ الْمَلَائِكَةُ؟

الْجَوَابُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠] أَنَّهُمْ لَا يَنَامُونَ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْحَدِيثِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ، قَالَ ابن عساكر فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا أبو الفتح المظفر بن أحمد بن برهان المقري، ثَنَا أبو بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>