أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ فِي الزَّبُورِ يَا دَاوُدُ إِنَّهُ سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكَ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَحْمَدُ إِلَى أَنْ قَالَ: أُمَّتُهُ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ أَعْطَيْتُهُمْ مِنَ النَّوَافِلِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتُ الْأَنْبِيَاءَ، وَافْتَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتَرَضْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ حَتَّى يَأْتُونِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنُورُهُمْ مِثْلُ نُورِ الْأَنْبِيَاءِ، وَذَلِكَ أَنِّي افْتَرَضْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَطَهَّرُوا لِي لِكُلِّ صَلَاةٍ كَمَا افْتَرَضْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُمْ، وَأَمَرْتُهُمْ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ كَمَا أَمَرْتُ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ بِالْحَجِّ كَمَا أَمَرْتُ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَهُمْ، وَأَمَرْتُهُمْ بِالْجِهَادِ كَمَا أَمَرْتُ الرُّسُلَ قَبْلَهُمْ.
وَأَخْرَجَ الغرياني فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ كعب قَالَ: أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَمْ يُعْطَهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ كَانَ النَّبِيُّ يُقَالُ لَهُ بَلِّغْ وَلَا حَرَجَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ عَلَى قَوْمِكَ وَادْعُ أُجِبْكَ، وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ، وَقَالَ: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣] ، وَقَالَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم، وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ كعب قَالَ: فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورَيْنِ وَلِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ نُورٌ، وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ نُورٌ، وَلِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ نُورَانِ يَمْشِي بِهِمَا كَنُورِ الْأَنْبِيَاءِ، وَخَصَائِصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَثِيرَةٌ وَفِيمَا أَوْرَدْنَاهُ كِفَايَةٌ.
ذِكْرُ الْأَدِلَّةِ لِلْقَوْلِ الرَّاجِحِ: الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] وَفِي هَذَا اخْتُلِفَ فِي ضَمِيرِ هُوَ هَلْ هُوَ لِإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِلَّهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ سَيُذْكَرَانِ، وَقَوْلُهُ: {سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِمْ كَالَّذِي ذُكِرَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ وَلَا لِاقْتِرَانِهِ بِمَا قَبْلَهُ مَعْنًى وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ السَّلَفُ مِنَ الْآيَةِ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ جلال الدين ابن الملقن - مُشَافَهَةً - عَنْ أبي الفرح العزي، أَنْبَأَنَا يونس بن إبراهيم عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقَيَّرِ، أَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ نَاصِرٍ إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنَا أصبغ سَمِعْتُ ابن زيد يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] قَالَ: لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ نَسْمَعْ بِأُمَّةٍ ذُكِرَتْ بِالْإِسْلَامِ غَيْرَهَا. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابن زيد، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالتَّفْسِيرِ وَطَبَقَتِهِ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ.
وَأَخْرَجَ ابن المنذر وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute