للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] ، وَأَخْرَجَ ابن المنذر وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] ، قَالَ: - يَعْنِي مِنْ قَبْلِ الْكُتُبِ كُلِّهَا وَمِنْ قَبْلِ الذِّكْرِ - فِي هَذَا قَالَ الْقُرْآنُ.

وَأَخْرَجَ عبد الرزاق وابن المنذر وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ فِي الْكُتُبِ وَفِي هَذَا، أَيْ: فِي كِتَابِكُمْ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابن المنذر عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] ، قَالَ: فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَفِي هَذَا قَالَ الْقُرْآنُ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فِي قَوْلِهِ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨] قَالَ: يَعْنِي فِي الذِّكْرِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَفِي هَذَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ، فَهَذِهِ نُصُوصُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ أَنَّ اللَّهَ سَمَّى هَذِهِ الْأُمَّةَ الْمُسْلِمِينَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ وَفِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَسَائِرِ كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ اخْتَصَّهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَسَيَأْتِي الْأَثَرُ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِهَذَا الِاسْمِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابن زيد فِي قَوْلِهِ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] قَالَ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: ١٢٨] .

الدَّلِيلُ الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: ١٢٨] دَعَا بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ وَهُمَا نَبِيَّانِ، ثُمَّ دَعَا بِهِ لِأُمَّتِهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَهِيَ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَلِهَذَا قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٢٩] وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِجْمَاعِ فَأَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ بِالْأَمْرَيْنِ بِبَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ وَتَسْمِيَتِهِمْ مُسْلِمِينَ وَلِهَذَا أَشَارَ تَعَالَى إِلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨] كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابن زيد.

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ فِي قَوْلِهِ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: ١٢٨] ، قَالَ: كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَكِنْ سَأَلَاهُ الثَّبَاتَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السدي فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: ١٢٨] ، قَالَ: يَعْنِيَانِ الْعَرَبَ، وَفِي قَوْلِهِ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٢٩] قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أبي العالية فِي قَوْلِهِ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٢٩] ، قَالَ: يَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ وَهُوَ كَائِنٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>