(تَنْبِيهٌ) : وَيُشْبِهُ هَذَا مَا بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُنْكِرِينَ أَنَّهُ أَنْكَرَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا نَزَلَ يُصَلِّي خَلْفَ المهدي صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَأَنَّهُ صَنَّفَ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ كِتَابًا، وَقَالَ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلُّ مَقَامًا مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِ نَبِيٍّ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ، فَإِنَّ صَلَاةَ عِيسَى خَلْفَ المهدي ثَابِتَةٌ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ بِأَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ الَّذِي لَا يُخْلَفُ خَبَرُهُ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أحمد فِي مُسْنَدِهِ، والحاكم فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " وَصَحَّحَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ. . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: «فَيَنْزِلُ عِيسَى عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُ النَّاسِ، تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ فَصَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُمَرَاءُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ بِنَا، فَيَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي بِهِمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ نَحْوَ الدَّجَّالِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ» . وَفِي " مُسْنَدِ أحمد "، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ» . . . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى، فَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَيُقَالُ لَهُ: تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ» ... الْحَدِيثَ.
وَفِي " مُسْنَدِ أبي يعلى " عَنْ جابر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَقُولُ إِمَامُهُمْ: تَقَدَّمْ، فَيَقُولُ: أَنْتَ أَحَقُّ، بَعْضُكُمْ أُمَرَاءُ عَلَى بَعْضٍ، أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ» .
وَرَوَى أبو داود وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَنَا عَنِ الدَّجَّالِ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الصُّبْحَ، فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإِمَامُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى يُصَلِّي، فَيَضَعُ عِيسَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ أُقِيمَتْ، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ عِيسَى: أَقِيمُوا الْبَابَ، فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ» .
وَرَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ جابر، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَمِينٌ، تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ» . وَقَوْلُ هَذَا الْمُنْكِرِ: إِنَّ النَّبِيَّ أَجَلُّ مَقَامًا مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِ نَبِيٍّ - جَوَابُهُ: أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلُّ الْأَنْبِيَاءِ مَقَامًا وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً، وَقَدْ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرَّةً، وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أُخْرَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute