للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَنْهُ فِي صَلَاةِ علي فِي الْكُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَكْثَرَ مِنْ رُكُوعَيْنِ. انْتَهَى كَلَامُ شَارِحِ النُّخْبَةِ.

وَقَالَ الحافظ ابن حجر فِي نُكَتِهِ عَلَى ابن الصلاح: مَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ، كَالْإِخْبَارِ عَنِ الْأُمُورِ الْمَاضِيَةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ، وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ، وَعَنِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ كَالْمَلَاحِمِ، وَالْفِتَنِ، وَالْبَعْثِ، وَصِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ عَمَلٍ يَحْصُلُ بِهِ ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ أَوْ عِقَابٌ مَخْصُوصٌ، فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا فَيُحْكَمُ لَهَا بِالرَّفْعِ.

قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي: قَدْ يَحْكِي الصَّحَابِيُّ قَوْلًا يُوقِفُهُ، فَيُخْرِجُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي الْمُسْنَدِ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ مَا قَالَهُ إِلَّا بِتَوَقُّفٍ، كَمَا رَوَى أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، لَا يَجِدْنَ عَرْفَ الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْنَدِ.

قَالَ الحافظ ابن حجر: وَهَذَا هُوَ مُعْتَمَدُ خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ كَصَاحِبَيِ الصَّحِيحِ، وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وأبي بكر بن مردويه فِي تَفْسِيرِهِ الْمُسْنَدِ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي آخَرِينَ، قَالَ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُسْنَدٌ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الحاكم فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَالْإِمَامُ فخر الدين فِي الْمَحْصُولِ انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الْمَحْصُولِ: إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ قَوْلًا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ حُمِلَ عَلَى السَّمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَلَا طَرِيقَ إِلَّا السَّمَاعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى.

وَقَالَ الحافظ أبو الفضل العراقي فِي " شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ": مَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ،» هُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْأُصُولِ، فَمِنَ الْأَئِمَّةِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ، وَمِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَأَدْخَلَ فِي " كِتَابِ التَّقَصِّي " أَحَادِيثَ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، مَعَ أَنَّ مَوْضُوعَ كِتَابِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ، مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سهل بن أبي حثمة فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَقَالَ فِي " التَّمْهِيدِ ": هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ عَلَى سهل فِي " الْمُوَطَّأِ " عِنْدَ جَمَاعَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مالك، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ فِي عُلُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>