مَسْأَلَةٌ: أَحَادِيثُ الْحَشْرِ عُرَاةً عَارَضَهَا أَحَادِيثُ أُخَرُ، صُرِّحَ فِيهَا بِأَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَ التَّرْجِيحِ فَرَجَّحَ أَحَادِيثَ الْحَشْرِ فِي الْأَكْفَانِ عَلَى أَحَادِيثِ الْحَشْرِ عُرَاةً، وَهَذَا رَأْيُ الْقَلِيلِ، وَالْأَكْثَرُونَ سَلَكُوا مَسْلَكَ الْجَمْعِ، فَجَمَعُوا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْحَشْرِ فِي الْأَكْفَانِ خَاصَّةٌ بِالشُّهَدَاءِ، وَأَحَادِيثَ الْحَشْرِ عُرَاةً فِي غَيْرِهِمْ - هَكَذَا نَقَلَهُ القرطبي - وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُحْشَرُ عَارِيًا، وَبَعْضَهُمْ يُحْشَرُ فِي أَكْفَانِهِ، وَلَمْ يَعَيِّنْ شُهَدَاءَ وَلَا غَيْرَهُمْ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أحمد، وَالنَّسَائِيُّ، والحاكم وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أبي ذر قَالَ: «حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَفْوَاجٍ: فَوْجٍ طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ، وَفَوْجٍ يَمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ، وَفَوْجٍ تَسْحَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى وُجُوهِهِمْ» ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ أبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ معاوية بن حيدة، أَخْرَجَهُ أحمد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَفِي الْمُجَالَسَةِ للدينوري عَنِ الحسن قَالَ: يُحْشَرُ النَّاسُ كُلُّهُمْ عُرَاةً مَا خَلَا أَهْلَ الزُّهْدِ، وَهَذَا لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ الْمُرْسَلِ.
مَسْأَلَةٌ:
سَأَلْتُكُمُو رِجَالَ الْعِلْمِ عَمَّا ... بَدَا لِيَ حَيْثُ لَا عِلْمَ بِذَاكَا
هَلِ الْإِيمَانُ يُوزَنُ يَوْمَ حَشْرٍ ... بِمِيزَانٍ وَإِلَّا لَيْسَ ذَاكَا
فَإِنْ قُلْتُمْ بِوَزْنٍ هَلْ تَقُولُوا ... مَعَ الْحَسَنَاتِ أَوْ ضِدٍّ لِذَاكَا
وَإِنْ قُلْتُمْ مَعَ الْحَسَنَاتِ يَبْقَى ... بِأَنْ لَا وَزْنَ مَعَ شَيْءٍ يُحَاكَى
وَيَرْجُحُ بَعْدَ ذَاكَ بِسَيِّئَاتٍ ... فَلَا لِلنَّارِ دَاخِلَةٌ هُنَاكَا
مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ وَالتَّوْحِيدِ نَفْسٌ ... فَسُبْحَانَ اللَّطِيفِ بِنَا هُنَاكَا
أَوَزْنٌ مُطْلَقًا أَوْ لَا تَقُولُوا ... بِهَذَا أَنْتُمُ أَهْلٌ لِذَاكَا
أَجِيبُوا الْعَبْدَ فَهْوَ لَكُمْ مُحِبٌّ ... وَفَضْلُكُمْ بِمِصْرَ لَا يُحَاكَى
فَلَا زِلْتُمْ لِمُعْضِلَةٍ تَحُلُّوا ... وَفِي الْجَنَّاتِ مَأْوَاكُمْ هُنَاكَا
الْجَوَابُ:
لِرَبِّ الْعَرْشِ حَمْدًا لَا يُحَاكَى ... وَأَشْكُرُهُ وَمَا أَوْلَى بِذَاكَا
وَلِلْمُخْتَارِ تَسْلِيمٌ ثَنَاهُ ... كَعَرْفِ الزَّهْرِ يَنْبُتُ فِي رُبَاكَا
لَقَدْ نَصَّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِي فِي ... نَوَادِرِهِ الَّتِي حَسُنَتْ حِبَاكَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute