للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، فَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: أَخْرَجَ الْبَزَّارُ، والحاكم فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَاءَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْمِلُونَ أَوْثَانَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ تُرْسِلْ إِلَيْنَا رَسُولًا، وَلَمْ يَأْتِنَا لَكَ أَمْرٌ، وَلَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا لَكُنَّا أَطْوَعَ عِبَادِكَ، فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ: أَرَيْتُكُمْ إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَعْمِدُوا إِلَى جَهَنَّمَ فَيَدْخُلُوهَا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا وَجَدُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا، فَرَجَعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَجِرْنَا مِنْهَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: أَلَمْ تَزْعُمُوا أَنِّي إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِي؟ فَيَأْخُذُ عَلَى ذَلِكَ مَوَاثِيقَهُمْ فَيَقُولُ: اعْمَدُوا إِلَيْهَا فَادْخُلُوهَا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا رَأَوْهَا فَرِقُوا وَرَجَعُوا فَقَالُوا: رَبَّنَا فَرِقْنَا مِنْهَا، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَدْخُلَهَا، فَيَقُولُ: ادْخُلُوهَا دَاخِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ دَخَلُوهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا» . قَالَ الحاكم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وأبو نعيم، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْمَمْسُوخِ عَقْلًا، وَبِالْهَالِكِ فِي الْفَتْرَةِ، وَبِالْهَالِكِ صَغِيرًا، فَيَقُولُ الْمَمْسُوخُ عَقْلًا: يَا رَبِّ لَوْ آتَيْتَنِي عَقْلًا مَا كَانَ مَنْ آتَيْتَهُ عَقْلًا بِأَسْعَدَ بِعَقْلِهِ مِنِّي، وَذَكَرَ فِي الْهَالِكِ فِي الْفَتْرَةِ وَالصَّغِيرِ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ الرَّبُّ: إِنِّي آمِرُكُمْ بِأَمْرٍ فَتُطِيعُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: وَلَوْ دَخَلُوهَا مَا ضَرَّتْهُمْ، فَتَخْرُجُ عَلَيْهِمْ فَرَائِصَ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهَا قَدْ أَهْلَكَتْ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ، فَيَرْجِعُونَ سِرَاعًا، ثُمَّ يَأْمُرُهُمُ الثَّانِيَةَ فَيَرْجِعُونَ كَذَلِكَ، فَيَقُولُ الرَّبُّ: قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكُمْ عَلِمْتُ مَا أَنْتُمْ عَامِلُونَ، وَعَلَى عِلْمِي خَلَقْتُكُمْ، وَإِلَى عِلْمِي تَصِيرُونَ، ضُمِّيهِمْ، فَتَأْخُذَهُمْ» .

قَالَ الْكِيَا الْهَرَّاسِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ فِي الْأُصُولِ فِي مَسْأَلَةِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ: اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ آرَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً أَنَّهُ لَا مَدْرَكَ لِلْأَحْكَامِ سِوَى الشَّرْعِ الْمَنْقُولِ، وَلَا يُتَلَقَّى حُكْمٌ مِنْ قَضِيَّاتِ الْعُقُولِ، فَأَمَّا مَنْ عَدَا أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ، كَالرَّافِضَةِ، وَالْكَرَّامِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ مُنْقَسِمَةٌ، فَمِنْهَا مَا يُتَلَقَّى مِنَ الشَّرْعِ الْمَنْقُولِ، وَمِنْهَا مَا يُتَلَقَّى مِنْ قَضِيَّاتِ الْعُقُولِ، قَالَ: وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ، فَإِذَا ظَهَرَ وَأَقَامَ الْمُعْجِزَةَ تَمَكَّنَ الْعَاقِلُ مِنَ النَّظَرِ، فَنَقُولُ: لَا يُعْلَمُ أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ إِلَّا بِالسَّمْعِ، فَإِذَا جَاءَ الرَّسُولُ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّظَرُ، وَعِنْدَ هَذَا يَسْأَلُ الْمُسْتَطْرِفُونَ: مَا الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ؟ وَجَوَابُهُ: أَنَّ النَّظَرَ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ طَاعَةٌ وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لِلْمَعْرِفَةِ، فَهُوَ مُطِيعٌ وَلَيْسَ بِمُتَقَرِّبٍ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>