للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَرْفَةَ عَيْنٍ مَا عَدَدْتُ نَفْسِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الشَّيْخُ صفي الدين بن أبي المنصور فِي رِسَالَتِهِ، وَالشَّيْخُ عبد الغفار فِي الْوَحِيدِ: حُكِيَ عَنِ الشَّيْخِ أبي الحسن الوناني قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أبو العباس الطنجي قَالَ: وَرَدْتُ عَلَى سَيِّدِي أحمد بن الرفاعي فَقَالَ لِي: مَا أَنَا شَيْخُكَ، شَيْخُكَ عبد الرحيم بِقِنَا، فَسَافَرْتُ إِلَى قِنَا، فَدَخَلْتُ عَلَى الشَّيْخِ عبد الرحيم فَقَالَ لِي: عَرَفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: رُحْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى تَعْرِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي وَإِذَا بِالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ مَمْلُوءَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَجَعْتُ إِلَى الشَّيْخِ فَقَالَ لِي: عَرَفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: الْآنَ كَمُلَتْ طَرِيقَتُكَ، لَمْ تَكُنِ الْأَقْطَابُ أَقْطَابًا وَالْأَوْتَادُ أَوْتَادًا وَالْأَوْلِيَاءُ أَوْلِيَاءً إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي الْوَحِيدِ: وَمِمَّنْ رَأَيْتُهُ بِمَكَّةَ الشَّيْخُ عبد الله الدلاصي، أَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمْ تَصِحَّ لَهُ صَلَاةٌ فِي عُمْرِهِ إِلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا أَحْرَمَ الْإِمَامُ وَأَحْرَمْتُ أَخَذَتْنِي أَخْذَةٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إِمَامًا وَخَلْفَهُ الْعَشَرَةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَقَرَأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ لَا طَمَعًا فِي بِرِّكَ وَلَا رَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ لِأَنَّ لَكَ الْمِنَّةَ عَلَيْنَا بِإِيجَادِنَا قَبْلَ أَنْ لَمْ نَكُنْ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ الْإِمَامُ فَعَقَلْتُ تَسْلِيمَهُ فَسَلَّمْتُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ صفي الدين فِي رِسَالَتِهِ: قَالَ لِي الشَّيْخُ أبو العباس الحرار: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً فَوَجَدْتُهُ يَكْتُبُ مَنَاشِيرَ لِلْأَوْلِيَاءِ بِالْوِلَايَةِ، وَكَتَبَ لِأَخِي محمد مِنْهُمْ مَنْشُورًا قَالَ: وَكَانَ أَخُو الشَّيْخِ كَبِيرًا فِي الْوِلَايَةِ كَانَ عَلَى وَجْهِهِ نُورٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ وَلِيٌّ، فَسَأَلْنَا الشَّيْخَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: نَفَخَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِهِ فَأَثَّرَتِ النَّفْخَةُ هَذَا النُّورَ.

قَالَ الشَّيْخُ صفي الدين: وَرَأَيْتُ الشَّيْخَ الْجَلِيلَ الْكَبِيرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيَّ أَجَلَّ أَصْحَابِ الشيخ القرشي، وَكَانَ أَكْثَرَ إِقَامَتِهِ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ لَهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصْلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ وَرَدٌّ لِلسَّلَامِ، حَمَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِسَالَةً لِلْمَلِكِ الْكَامِلِ، وَتَوَجَّهَ بِهَا إِلَى مِصْرَ وَأَدَّاهَا وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَمِمَّنْ رَأَيْتُ بِمِصْرَ الشَّيْخَ أبا العباس العسقلاني أَخَصَّ أَصْحَابِ الشيخ القرشي، زَاهِدَ مِصْرَ فِي وَقْتِهِ، وَكَانَ أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِمَكَّةَ يُقَالُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>