للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُجُوهِ لَا كُلِّهَا، وَالْمُنَاظَرَةَ تَكْفِي فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ وَلَوْ وَجْهًا وَاحِدًا، يُقَالُ: هَذَا نَظِيرُ هَذَا فِي كَذَا، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي سَائِرِ جِهَاتِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الَّذِي قُلْتُهُ مِنَ الْمَنْقُولِ مَا نَقَلَهُ الشيخ سعد الدين فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ عَنِ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ حَتَّى لَوِ اخْتَلَفَا فِي وَصْفٍ وَاحِدٍ انْتَفَتِ الْمُمَاثَلَةُ، وَأَمَّا اللُّغَوِيُّونَ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَثِيلَ وَالشَّبِيهَ وَالنَّظِيرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الدَّاعِي: اللَّهُمَّ أَرِنَا وَجْهَ نَبِيِّنَا وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ، هَلْ صَوَابُهُ " وَأَوْرِدْنَا " أَوْ " أَرِدْنَا "، وَهَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ الْمَادَّةِ وَالنَّقْلِ وَالْمَعْنَى؟ .

الْجَوَابُ: الصَّوَابُ: " أَوْرِدْنَا " مِنَ الْوُرُودِ، وَالْمَاضِي " أَوْرَدَ "، وَمُضَارِعُهُ " يُورِدُ "، وَأَمَّا " أَرِدْنَا " فَهُوَ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا.

مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ» كَيْفَ عُطِفَ، وَهُوَ إِنْشَاءٌ عَلَى قَوْلِ ورقة: إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، وَهُوَ خَبَرٌ، وَعَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ لَا يَجُوزُ، وَأَيْضًا فَهُوَ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَالْمُتَكَلِّمُ مُخْتَلِفٌ؟

الْجَوَابُ: الْقَوْلُ بِأَنَّ عَطْفَ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ لَا يَجُوزُ هُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْبَيَانِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ جَوَازُهُ، وَأَهْلُ الْبَيَانِ يُقَدِّرُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ جُمْلَةً بَيْنِ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَهِيَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا، فَالتَّرْكِيبُ سَائِغٌ عَلَى رَأْيِ أَهْلِ الْفَنَّيْنِ، أَمَّا الْمُجَوِّزُونَ لِعَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ فَوَاضِحٌ. وَأَمَّا الْمَانِعُونَ فَعَلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ أَقُولُ: وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ التَّمَنِّي فِي قَوْلِهِ: لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْجُمْلَةِ لَا ذَيْلَهَا الَّذِي هُوَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، وَالتَّمَنِّي إِنْشَاءٌ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَأَمَّا الْعَطْفُ عَلَى جُمْلَةٍ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ فَسَائِغٌ مَعْرُوفٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْكَلَامِ الْفَصِيحِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: ١٢٤] .

مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَمُسْتَوْدِعٌ عِنْدِي حَدِيثًا يَخَافُ مِنْ ... إِذَاعَتِهِ فِي النَّاسِ أَنْ يَنْفَدَ الْعُمْرُ

هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ فِيهِ " إِلَى " ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يَنْحَلُّ إِلَى أَنَّ الْمُودِعَ يَخَافُ إِذَاعَةَ سِرِّهِ فِي النَّاسِ مَا دَامَ حَيًّا إِلَى حِينِ نَفَادِ عُمْرِهِ، أَوْ يَمْتَنِعُ تَقْدِيرُ " إِلَى "؟ وَقَوْلُ الْآخَرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>