للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الْمُوَثِّقِينَ زَوْجَا بَابٍ مَا مَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ؟

الْجَوَابُ: مَدْلُولُهُ كَمَدْلُولِ مِصْرَاعَيِ الْبَابِ، وَهُمَا الْفَرْدَتَانِ الْمُرَكَّبَتَانِ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " الصِّحَاحِ ": الزَّوْجُ خِلَافُ الْفَرْدِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى زَوْجًا، يُقَالُ: هُمَا زَوْجَانِ لِلِاثْنَيْنِ، وَهُمَا زَوْجٌ، كَمَا يُقَالُ هُمَا سِيَّانِ وَهُمَا سَوَاءٌ، وَتَقُولُ: اشْتَرَيْتُهُ زَوْجَيْ حَمَامٍ -وَأَنْتَ تَعْنِي ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَعِنْدِي زَوْجَا نَعْلٍ، وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: ٤٠] .

مَسْأَلَةٌ: فِي إِعْرَابِ تَرْكِيبٍ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ نَصُّهُ: يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ دَافِعًا عُهْدَتَهَا الدَّفْعُ إِلَى ذِي الْيَدِ. هَلْ " دَافِعًا " حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ وَهُوَ " الدَّفْعُ "، أَوْ مِنَ النَّائِبِ عَنْهُ وَهُوَ " بِالشُّفْعَةِ "؟

الْجَوَابُ: الْوَجْهُ إِعْرَابُهُ حَالًا مِنَ النَّائِبِ عَنِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ بِالشُّفْعَةِ لَا مِنَ الدَّفْعِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ اسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ دَافِعٌ، وَالَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ حَالٌ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ مَعْنًى لَا تَفْسِيرُ إِعْرَابٍ، وَتَفْسِيرُ الْمَعْنَى يُتَسَمَّحُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّنَاعَةُ الْإِعْرَابِيَّةُ، وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ الصِّنَاعَةُ قَطْعًا هُوَ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ " بِالشُّفْعَةِ "، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلدَّفْعِ، فَهُوَ حَالٌ سَبَبِيَّةٌ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ، كَالصِّفَةِ السَّبَبِيَّةِ وَالْخَبَرِ السَّبَبِيِّ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ: جِيءَ بِهِنْدٍ ضَارِبًا أَبُوهَا عَمْرًا، فَ " ضَارِبًا " حَالٌ مِنْ " بِهِنْدٍ " لَا مِنْ أَبُوهَا الْفَاعِلِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْنَى لَهُ، وَنَظِيرُهُ فِي الصِّفَةِ: مَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ ضَارِبٌ أَبُوهَا عَمْرًا، وَفِي الْخَبَرِ هِنْدٌ ضَارِبٌ أَبُوهَا عَمْرًا، فَضَارِبٌ صِفَةٌ لِامْرَأَةٍ لَا لِأَبِيهَا، وَخَبَرٌ عَنْ هِنْدٍ لَا عَنْ أَبِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ لِلْأَبِ، وَتَفْكِيكُ الْعِبَارَةِ يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ حَالَ كَوْنِهَا دَافِعًا عُهْدَتَهَا الدَّفْعُ إِلَى آخِرِهِ، وَلَوْ أُعْرِبَ حَالًا مِنَ الدَّفْعِ لَكَانَ حَقُّهُ التَّأْخِيرَ، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ التَّرْكِيبُ: يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ الدَّفْعُ إِلَى ذِي الْيَدِ دَافِعًا عُهْدَتَهَا. وَهَذَا تَرْكِيبٌ مُفَلَّتٌ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ " دَافِعًا " حَالٌ مِنَ " الدَّفْعِ "، وَهُوَ فَاعِلٌ بِهِ، وَفِي ذَلِكَ مَحْذُورَانِ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ ; أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ حَالًا مِنْهُ حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ، وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ عَامِلًا فِي الدَّفْعِ الْفَاعِلِيَّةِ حَقُّهُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ، وَهَذَانَ أَمْرَانِ مُتَنَاقِضَانِ. الثَّانِي: أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ هُنَا وَهُوَ دَافِعٌ إِنَّمَا سَوَّغَ عَمَلُهُ الْفَاعِلِيَّةَ وَالْمَفْعُولِيَّةَ كَوْنُهُ حَالًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ مِنْهَا كَوْنُهُ حَالًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَالًا قَبْلَ الْعَمَلِ حَتَّى يَصِحَّ عَمَلُهُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ الْفَاعِلِيَّةَ ثُمَّ يَصِيرُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ ; لِأَنَّهُ عَمِلَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>