للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى آيَاتِ النَّجْمِ: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَزْكِيَةِ جُمْلَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِصْمَتِهَا مِنَ الْآفَاتِ فِي هَذَا الْمَسْرَى، فَزَكَّى فُؤَادَهُ وَلِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ. وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَزَكَّى قَلْبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ} [النجم: ١١] الْآيَةَ - بِالْفَاءِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ أَوِ الْوَاوِ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا وَجْهُهُ، أَوْ بِالثَّانِي فَمَا وَجْهُهُ؟

الْجَوَابُ: يَتَعَيَّنُ فِي مِثْلِ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ وَهِيَ تَفْسِيرِيَّةٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ، وَمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي الْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ، وَكَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْبُلَغَاءِ، لَمْ يَمْتَرْ فِي ذَلِكَ، فَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: ٤] فَإِنَّ قَوْلَهُ: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: ٤] تَفْسِيرٌ لِأَهْلَكْنَا وَالْفَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُمْ شَكَوْا سَعْدًا فَشَكَوْا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ، قَالَ شُرَّاحُهُ: الْفَاءُ هُنَا تَفْسِيرِيَّةٌ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤] إِنَّ الْفَاءَ فِي " فَاقْتُلُوا " تَفْسِيرِيَّةٌ ; لِأَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ نَفْسَ الْقَتْلِ، وَكَذَا قَوْلُ صَاحِبِ " الشِّفَاءِ ": فَزَكَّى قَلْبَهُ بِقَوْلِهِ. . . إِلَى آخِرِهِ -تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ: فَزَكَّى فُؤَادَهُ، وَقَوْلُهُ: فَزَكَّى فُؤَادَهُ وَلِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ - تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى إِعْلَامِ اللَّهِ بِتَزْكِيَةِ جُمْلَتِهِ. وَالتَّعْبِيرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِالْوَاوِ مُخِلٌّ بِالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: فِي تَعْرِيفِ اللَّفْظِ بِالصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بَعْضِ الْحُرُوفِ، هَلْ هُوَ غَيْرُ جَامِعٍ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُوَضِّحُ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّحَاةِ مَعَ أَنَّهُ زَادَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَقَالَ: هُوَ الصَّوْتُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى بَعْضِ الْحُرُوفِ أَوْ مَا هُوَ فِي قُوَّةِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ؟

الْجَوَابُ: نَعَمْ هُوَ جَامِعٌ ; لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ الْحَرْفُ الْوَاحِدُ كَوَاوِ الْعَطْفِ وَفَائِهِ وَبَاءِ الْجَرِّ وَلَامِهِ، إِذْ لَا يُقَالُ فِي الْجَرِّ: إِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدِ اعْتَرَضَ الْمُحَقِّقُونَ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِ الْمُصَنِّفِ فِي حَيَاتِهِ وَسِلْمِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ فَالْأَحْسَنُ تَعْرِيفُ اللَّفْظِ بِالصَّوْتِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى مَقْطَعٍ، فَإِنَّهُ تَعْرِيفٌ سَالِمٌ مِنْ كُلِّ إِيرَادٍ، وَلِهَذَا عَبَّرْتُ بِهِ فِي شَرْحِي.

مَسْأَلَةٌ: يَا حَبَّذَا أَنْتَ الْوَسِيلَةَ وَالْقَصْدَا- هَلْ هُوَ تَرْكِيبٌ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا فَمَا وَجْهُ نَصْبِ الْوَسِيلَةِ وَالْقَصْدِ، وَهَلْ يَجُوزُ رَفْعُهُمَا؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>