يَجُوزُ نَصْبُ خَمْسَةَ الْأَشْبَارِ نَصْبَ الظَّرْفِ بِسَمَا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: سَمَا مِقْدَارَ خَمْسَةِ الْأَشْبَارِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ فِي حَدِيثِ " «أَنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ» " -: إِنَّ " رَمْيَةً " نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ بِتَقْدِيرِ " قَدْرَ " أَيْ قَدْرَ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ. وَقَالَ الطيبي فِي " شَرْحِ الْمِشْكَاةِ " فِي حَدِيثِ " «فَضْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي يُسْتَاكُ لَهَا عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يُسْتَاكُ لَهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا» ": قَوْلُهُ: " سَبْعِينَ " مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ ظَرْفٌ، أَيْ تَفْضُلُ مِقْدَارَ سَبْعِينَ. وَقَالَ أبو البقاء فِي حَدِيثِ: " «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا» ": هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ، وَالتَّقْدِيرُ: قَدْرَ شِبْرٍ. وَقَالَ الطيبي فِي حَدِيثِ: " «مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا» ": شِبْرًا وَذِرَاعًا وَبَاعًا فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَيْ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ مِقْدَارَ شِبْرٍ، وَقَالَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ: " «مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ أَرْضٍ» ": الْمَفْعُولُ بِهِ مَحْذُوفٌ، وَشِبْرًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا [مُطْلَقًا] أَيْ: ظَلَمَ شِبْرًا وَمَفْعُولًا فِيهِ، أَيْ مِقْدَارَ شِبْرٍ. وَقَالَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ: " «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزبير حُضْرَ فَرَسِهِ» ": نُصِبَ " حُضْرَ " عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ قَدْرَ مَا يَعْدُو عَدْوَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ ; قَالَ ابن مالك فِي " التَّسْهِيلِ ": الصَّالِحُ لِلظَّرْفِيَّةِ الْقِيَاسِيَّةِ مَا دَلَّ عَلَى مِقْدَارٍ، وَقَالَ فِي " الْأَلْفِيَّةِ ":
وَقَدْ يَنُوبُ عَنْ مَكَانِ مَصْدَرٍ ... وَذَاكَ فِي ظَرْفِ الزَّمَانِ يَكْثُرُ
وَقَالَ ابن هشام فِي " التَّوْضِيحِ ": يَنُوبُ الْمَصْدَرُ عَنِ الظَّرْفِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا لِمِقْدَارٍ، نَحْوَ: انْتَظَرْتُكَ حَلْبَ نَاقَةٍ. وَقَالَ أبو حيان فِي " شَرْحِ التَّسْهِيلِ ": قَالَ الصفار فِي " شَرْحِ الْكِتَابِ ": اعْلَمْ أَنَّ الْمَصْدَرَ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَى الظَّرْفِ جَازَ أَنْ يُضَافَ إِلَى الْفِعْلِ، تَقُولُ أَتَيْتُكَ رَيْثَ قَامَ زَيْدٌ، أَيْ قَدْرَ بُطْءِ قِيَامِهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ إِلَى الظَّرْفِ جَازَ فِيهَا مَا جَازَ فِي الظَّرْفِ، ثُمَّ إِنَّ نَصْبَ " زِنَةَ " بِخُصُوصِهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مِنْ سِيبَوَيْهِ وَأَئِمَّةِ النَّحْوِ، قَالَ ابن مالك فِي " شَرْحِ التَّسْهِيلِ ": مِنَ الْجَارِي مَجْرَى ظَرْفِ الزَّمَانِ بِاطِّرَادٍ مَصَادِرُ قَامَتْ مَقَامَ مُضَافٍ إِلَيْهَا تَقْدِيرًا، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: هُوَ قُرْبَ الدَّارِ، وَوَزْنَ الْجَبَلِ وَزِنَتَهُ، وَالْمُرَادُ بِالِاطِّرَادِ أَنْ لَا تَخْتَصَّ ظَرْفِيَّتُهُ بِعَامِلٍ مَا كَاخْتِصَاصِ ظَرْفِيَّةِ الْمُشْتَقِّ مِنَ اسْمِ الْوَاقِعِ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ أبو حيان فِي " شَرْحِ التَّسْهِيلِ ": وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْمُنْتَصِبِ ظَرْفًا صَدَدَكَ، وَصَفِيَّكَ، وَوَزْنَ الْجَبَلِ، وَزِنَةَ الْجَبَلِ، وَأَقْطَارَ الْبِلَادِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا يَنْصِبُهَا الْفِعْلُ اللَّازِمُ لِإِبْهَامِهَا انْتَهَى. وَقَالَ فِي " الِارْتِشَافِ ": فَرَّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ " وَزْنَ الْجَبَلِ " " وَزِنَةَ الْجَبَلِ "، فَمَعْنَى " وَزْنَ الْجَبَلِ " نَاحِيَةُ تَوَازُنِهِ، أَيْ تَقَابُلِهِ قَرِيبَةً كَانَتْ مِنْهُ أَوْ بَعِيدَةً، وَزِنَةَ الْجَبَلِ حِذَاؤُهُ، أَيْ: مُتَّصِلَةٌ بِهِ، وَكِلَاهُمَا مُبْهَمٌ يَصِلُ إِلَيْهِمَا الْفِعْلُ وَيَنْتَصِبُ ظَرْفًا انْتَهَى. وَقَدْ قَالَ التوربشتي شَارِحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute