يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إِلَّا إِذَا بَذَلَ لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ قَدْرَ كَسْبِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا يُقَالُ فِي الْمُمْتَنِعِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ بِصِفَةِ الْفَقْرِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: فَالْجَوَابُ إِذَا قَالَ: لَمْ أَشْهَدْ بِذَلِكَ ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي الْجَانِبَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَذْكُرُ ثُمَّ شَهِدَ تُقْبَلُ، هَذَا مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ فِي الْجَانِبَيْنِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ حَكَمَ. وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ وَلَايَةَ الْجَاهِلِ بَاطِلَةٌ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ عِلْمَ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا عِلْمٌ مُعْتَبَرٌ أَصْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا إِثْمَ عَلَى الْمُعَبِّرِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ خَطَأً أَوْ مُجَازَفَةً.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: فَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حِكْمَةِ نُزُولِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ هَمَّتْ بِقَتْلِهِ وَصَلْبِهِ وَجَرَى أَمْرُهُ مَعَهُمْ عَلَى مَا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَهُمْ أَبَدًا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَيَنْسُبُونَهُ إِلَى السِّحْرِ وَغَيْرِهِ إِلَى مَا كَانَ اللَّهُ بَرَّأَهُ وَنَزَّهَهُ عَنْهُ. وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ فَلَمْ تَقُمْ لَهُمْ مُنْذُ أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَأَظْهَرَهُ رَايَةٌ، وَلَا كَانَ لَهُمْ فِي بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ سُلْطَانٌ وَلَا قُوَّةٌ وَلَا شَوْكَةٌ، وَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى تَقْرُبَ السَّاعَةُ، فَيَظْهَرُ الدَّجَّالُ وَهُوَ أَسْحَرُ السَّحَرَةِ، فَتُتَابِعُهُ الْيَهُودُ فَيَكُونُونَ يَوْمَئِذٍ جُنْدَهُ مُقَرِّرِينَ أَنَّهُمْ يَنْتَقِمُونَ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى هَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ قَتَلُوهُ، وَأَبْرَزَهُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ وَنَصَرَهُ عَلَى رَئِيسِهِمْ وَكَبِيرِهِمُ الَّذِي ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، فَقَتَلَهُ وَهَزَمَ جُنْدَهُ مِنَ الْيَهُودِ لِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَجِدُونَ مَهْرَبًا، وَإِنْ تَوَارَى أَحَدٌ مِنْهُمْ بِشَجَرَةٍ أَوْ بِحَجَرٍ أَوْ بِجِدَارٍ نَادَاهُ يَا رُوحَ اللَّهِ هَهُنَا يَهُودِيٌّ حَتَّى يَقِفَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ يُسْلِمَ وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَكَذَا كُلُّ كَافِرٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَافِرٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ الشَّجَرِ شَجَرُ الْغَرْقَدِ فَإِنَّهُ شَجَرُ الْيَهُودِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ إِذَا تَوَارَى بِهِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنْزَالُهُ لِدُنُوِّ أَجَلِهِ لَا لِقِتَالِ الدجال؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَخْلُوقٍ مِنَ التُّرَابِ أَنْ يَمُوتَ فِي السَّمَاءِ لَكِنْ أَمْرُهُ يَجْرِي عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥] فَيُنْزِلُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيُقِرَّهُ فِي الْأَرْضِ، يَرَاهُ فِيهَا مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ، وَيَسْمَعُ بِهِ مَنْ نَأَى عَنْهُ، ثُمَّ يُقْبَضُ فَيَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ أَمْرَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ حَيْثُ دُفِنَ فِيهِ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ أُمُّهُ مِنْ نَسْلِهِمْ وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute