للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ فَيُنْشَرُ إِذَا نُشِرُوا نُشِرَ مَعَهُمْ، هَذَا سَبَبُ إِنْزَالِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ مِنْ بُلُوغِ الدجال الَّذِي قَدْ بَلَغَ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَلَمْ يَنْتَصِبْ لِقِتَالِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِقَتْلِهِمْ كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، وَيَجْرِي قَتْلُهُ عَلَى يَدَيْهِ، إِذْ كَانَ مِمَّنِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِرِسَالَتِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ وَجَعَلَهُ وَأُمَّهُ آيَةً، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِإِنْزَالِهِ لَا أَنَّهُ يَنْزِلُ لِقِتَالِ الدَّجَّالِ قَصْدًا.

الثَّالِثُ أَنَّهُ وَجَدَ فِي الْإِنْجِيلِ فَضْلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْبَمَا قَالَهُ، وَقَوْلُهُ نَحْوَ ذَلِكَ: {مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} [الفتح: ٢٩] فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَرَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ آخِرَ الزَّمَانِ مُجَدِّدًا لِمَا دَرَسَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُوَافِقُ خُرُوجَ الدَّجَّالِ فَيَقْتُلُهُ، وَلَا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ: قِتَالُهُ الدَّجَّالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ وَهُمْ مُفْتَتَنُونَ، قَدْ عَمَّ فَرْضُ الْجِهَادِ أَعْيَانَهُمْ وَهُوَ أَحَدُهُمْ لَزِمَهُ مِنْ هَذَا الْغَرَضِ مَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ؛ فَلِذَلِكَ يَقُومُ بِهِ وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي اتِّبَاعِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ السَّادِسُ، وَالسَّابِعُ، وَالثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ: فَالْمَدُّ عَلَى الْهَمْزِ وَالْهَاءِ خَطَأٌ وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إِلَّا إِنْ قَصَدَ الِاسْتِفْهَامَ، وَأَمَّا الْمَدُّ عَلَى اللَّامِ فَحَسَنٌ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ، وَالْمُوَفِّي مِائَةً: فَقَدْ قَالَ ابن المنير فِي كِتَابِهِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى: ذَكَرَ ابن حبيب أَنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بَحْرًا يُسَمَّى الْمَكْفُوفَ يَكُونُ بَحْرُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كَالْقَطْرَةِ مِنَ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ. وَأَنَّ هَذَا الْبَحْرَ انْفَلَقَ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ حَتَّى جَاوَزَهُ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ انْفِلَاقِ الْبَحْرِ لِمُوسَى. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ فِي فَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ تَدُورُ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِسَنَدٍ وَاهٍ جِدًّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ بَحْرًا دُونَ السَّمَاءِ بِمِقْدَارِ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ فَهُوَ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ قَائِمٌ فِي الْهَوَاءِ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَقْطُرُ مِنْهُ قَطْرَةٌ جَارٍ فِي سُرْعَةِ السَّهْمِ يَجْرِي فِيهِ الْقَمَرُ وَالشَّمْسُ وَالنُّجُومُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: ٣٣] هَذَا آخِرُ الْأَجْوِبَةِ.

وَقَدْ قُلْتُ فِي الْجَوَابِ نَظْمًا:

سُبْحَانَ رَبِّ الْعُلَى مُؤْتِي الْبَرَاهِينِ ... وَبَاعِثِ الرُّسْلِ إِرْشَادًا لِمَهْدِينِ

صَلَّى عَلَيْهِمْ إِلَهُ الْعَرْشِ قَاطِبَةً ... خُصُوصًا الْمُصْطَفَى خَيْرَ النَّبِيِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>