جَوَابُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، بَلْ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْوَضْعُ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ فِي مَوَاضِعَ، فَلَيْسَ الْوَضْعُ مُنْحَصِرًا فِيمَا رَدَّدَهُ السَّائِلُ، فَهَذَا مَثَلًا وَضْعٌ لِمُشَارٍ إِلَيْهِ مُفْرَدٍ ذَكَرٍ حَاضِرٍ أَوْ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ مَفْهُومٌ كُلِّيٌّ، وَانْحِصَارُهُ فِي خَاصٍّ لَيْسَ لِلْوَضْعِ بِإِزَائِهِ، بَلْ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يُشِرْ بِهِ الْآنَ إِلَّا لِزَيْدٍ مَثَلًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ النُّحَاةِ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ الْمُضْمَرَ وَاسْمَ الْإِشَارَةِ كُلِّيٌّ وَضْعًا جُزْئِيٌّ اسْتِعْمَالًا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْأَمْرَ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَهُوَ الطَّلَبُ حَذَرًا مِنَ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ، فَاسْتِعْمَالُ صِيغَةِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ وَفِي الْوُجُوبِ مَثَلًا نَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إِنَّهُ حَقِيقَةٌ غَيْرُ مَجَازٍ وَغَيْرُ مُشْتَرَكٍ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى صَادِقٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الطَّلَبُ، وَكَذَا نَقُولُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ وَالْمُضْمَرِ: لَيْسَ الْوَضْعُ فِيهِمَا لِوَاحِدٍ فَقَطْ بِحَيْثُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا، وَلَا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَيْثُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا، بَلْ لِمَفْهُومٍ صَادِقٍ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مُشَارٌ إِلَيْهِ مُفْرَدٌ ذَكَرٌ حَاضِرٌ كَمَا قُلْنَاهُ، وَفِي الْمُضْمَرِ مُتَكَلِّمٌ مُفْرَدٌ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ القرافي.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ الْعَامَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ .
فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ مَجَازٌ قَطْعًا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ ابن السبكي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ حَفِظَهُ اللَّهُ: إِنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَقِيقَةً.
فَجَوَابُهُ: أَنَّ الْمُحَقِّقَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ الشيخ تقي الدين السبكي وَالِدُ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ تَصَانِيفِهِ لَكِنْ بَحْثًا مِنْ عِنْدِهِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ وَفَرْعِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ دَلَالَةٌ مُطَابِقَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا لِلَفْظٍ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، وَلَا فِي بَعْضِ مَوْضُوعِهِ، بَلْ هُوَ كَاسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ حَقِيقِيٌّ - هَذِهِ عِبَارَتُهُ - وَقَدْ عُرِفَ بِكَلَامِهِ هَذَا تَوْجِيهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَرَدُّ مَا أَوْرَدَهُ السَّائِلُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَبِ وَالِابْنِ مُشَكِّكٌ أَوْ مُتَوَاطِئٌ.
فَجَوَابُهُ: أَنَّهُ مُتَوَاطِئٌ لِأَنَّهُ مُتَسَاوِي الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute