للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ بِأُمُورٍ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى كَالْبَيَاضِ وَالنُّورِ بَلْ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْهُ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَهَذِهِ عَلَامَةُ الْمُتَوَاطِئِ كَمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَنْطَبِقُ عَلَى مَجَازِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ تَعْرِيفُ الْمَجَازِ إِلَى آخِرِهِ؟

فَجَوَابُهُ: أَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا: اخْتُلِفَ فِي الزِّيَادَةِ وَالْحَذْفِ هَلْ هُمَا مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ؟ فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ وَعَلَى هَذَا لَا إِيرَادَ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمَجَازِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا، وَفَصَّلَ آخَرُونَ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ الْبَيَانِيِّ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْحَذْفُ وَالزِّيَادَةُ يُوجِبَانِ تَغْيِيرَ الْإِعْرَابِ فَمَجَازٌ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ القرافي: الْحَذْفُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ لَيْسَ مِنْهَا مَجَازًا إِلَّا قِسْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ نَحْوُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] إِذْ لَا يَصِحُّ إِسْنَادُ السُّؤَالِ إِلَيْهَا وَبَقِيَّةُ الْأَقْسَامِ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ: إِنَّمَا يَكُونُ الْحَذْفُ مَجَازًا إِذَا تَغَيَّرَ حُكْمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَحَذْفِ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ الْمَعْطُوفِ عَلَى جُمْلَةٍ فَلَا.

فَأَنْتَ تَرَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ كَالْمُتَضَافِرَةِ عَلَى عَدَمِ انْطِبَاقِ تَعْرِيفِ الْمَجَازِ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّنَا لَوْ شِئْنَا لَتَمَحَّلْنَا وَجْهًا لِانْطِبَاقِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، لَكِنَّ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِي هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ القرافي وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَانْطِبَاقُ الْمَجَازِ عَلَى مَا ذَكَرَاهُ وَاضِحٌ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِي مِثْلِ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشورى: ٤٠] مَا هِيَ؟ فَأَقُولُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا السُّؤَالَ وَأَلْطَفَهُ، وَلَقَدْ أَثْلَجَ خَاطِرِي بِمُوَافَقَةِ السَّائِلِ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ نَوْعِ الْمَجَازِ، وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنِّي رَأَيْتُ بَعْضَ مُتَأَخِّرِي أَهْلِ الْبَيَانِ قَالَ فِي نَوْعِ الْمُشَاكَلَةِ الَّذِي هَذِهِ الْآيَةُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ أَمْثِلَتِهَا أَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَقَالَ: وَلَيْسَ بِحَقِيقَةٍ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ، وَلَا مُجَازٍ لِعَدَمِ الْعَلَاقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، هَكَذَا قَالَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ نَازَعْتُهُ فِي ذَلِكَ قَدِيمًا فِي كِتَابِ شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْمَعَانِي وَاخْتَرْتُ أَنَّهُ مَجَازٌ قَطْعًا، وَأَنَّ مَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ الْعَلَاقَةِ مَمْنُوعٌ؟ فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْعَلَاقَةُ؟ قُلْتُ: الشَّكْلُ وَالشَّبَهُ الصُّورِيُّ كَمَا يُطْلَقُ الْإِنْسَانُ وَالْفَرَسُ عَلَى الصُّورَةِ الْمُصَوَّرَةِ، وَكَذَا الْجَزَاءُ أُطْلِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>