للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ فِي الْجَوَابِ وَهُوَ عَدَمُ دِلَالَتِهِ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا: يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وُضِعَ لِلْمَعْنَى الْعَامِّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَيْهِ، فَبَطَلَ الْمَلْزُومُ وَهُوَ كَوْنُهُ كُلِّيًّا، وَهَذَا مُؤَدَّى قَوْلِ السَّائِلِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِهِ كُلِّيًّا جَوَازُ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْعَامِّ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْخَاصِّ، فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ بِلَا شَكٍّ - غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ - أَنَّ بَيْنَهُمَا قَلْبًا لَفْظِيًّا، فَإِنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ هِيَ مَقْلُوبُ الْعِبَارَةِ الْأُولَى، وَفِي كُلٍّ مِنَ الْعِبَارَتَيْنِ مُقَدَّرَاتٌ اقْتَضَاهَا الْإِيجَازُ لَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِهَا لِيَتِمَّ الْمَطْلُوبُ مِنَ الِاسْتِنْتَاجِ، فَعِنْدَ إِظْهَارِهَا وَتَفْكِيكِ الْكَلَامِ يَنْحَلُّ مُؤَدَّاهُمَا إِلَى وَاحِدٍ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا الْإِلْزَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ السَّائِلُ هُوَ عَيْنُ الْإِلْزَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، فَقَدْ حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ القرافي، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّا لَوْ خُلِّينَا، وَمُقْتَضَى الْوَضْعِ لَأُطْلِقَ عَلَى الْعَامِّ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ مَا عَرَضَ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ حَصْرِ الْوَاقِعِ الْمُسَمَّى فِي شَخْصٍ خَاصٍّ، وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ مَنْعُ التَّلَازُمِ بَيْنَ الْوَضْعِ وَالْإِطْلَاقِ، فَقَدْ يُوضَعُ الشَّيْءُ الْعَامُّ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا خَاصًّا بِدَلِيلِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهَا وُضِعَتْ كُلِّيًّا وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا جُزْئِيًّا، وَأَوْضَحُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ القرافي مِنْ تَشْبِيهِ ذَلِكَ بِالْأَعْلَامِ الْغَالِبَةِ، فَإِنَّهَا وُضِعَتْ كُلِّيَّةً ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا فِي خَاصٍّ، فَصَارَتْ أَعْلَامًا بِالْغَلَبَةِ وَسَنَزِيدُ هَذَا وُضُوحًا قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ: إِنَّ القرافي لَمْ يُجِبْ عَنِ الْإِلْزَامِ فِي كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَ مُسَمَّاهُ كُلِّيًّا لَكَانَ نَكِرَةً، وَإِنَّمَا أَجَابَ عَنِ الثَّانِي أَقُولُ: مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحَ القرافي نَفْسُهُ أَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي ذَكَرَهُ جَوَابٌ عَنِ الْإِلْزَامَيْنِ، وَأَنَا لَمْ أَسُقْ كَلَامَهُ بِلَفْظِهِ بَلْ أَوْرَدْتُهُ مُلَخَّصًا كَمَا نَبَّهْتُ فِي آخِرِهِ، وَنُكْتَةُ عَدَمِ تَعَرُّضِي لِمَا يُوضَعُ كَوْنُهُ جَوَابًا عَنِ الْإِلْزَامِ الْآخَرِ مِنْ كَوْنِهِ نَكِرَةً أَنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي كَلَامِ السَّائِلِ الْبَتَّةَ فَاسْتَغْنَيْتُ عَنْ إِيرَادِهِ، وَعِبَارَةُ القرافي وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ - يَعْنِي اللَّذَيْنِ احْتَجُّوا بِهِمَا - فَالْجَوَابُ عَنْهُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ دِلَالَةَ اللَّفْظِ وَسَاقَ مَا قَدَّمْتُهُ عَنْهُ - إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ حَصْرُ مُسَمَّى اللَّفْظِ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْوَاقِعِ قَالَ النُّحَاةُ: هِيَ مَعَارِفُ فَإِنَّ فَهْمَ الْجُزْئِيِّ لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ عَنْهَا - هَذَا لَفْظُهُ - فَأَشَارَ أَوَّلًا إِلَى أَنَّ الْجَوَابَ عَنِ الْإِلْزَامَيْنِ مَعًا، وَأَتَى آخِرًا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِتَقْرِيرِ الْجَوَابِ عَنْ لُزُومِ كَوْنِهِ نَكِرَةً، وَمُتَحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَجَابَ عَنِ الْإِلْزَامَيْنِ مَعًا بِجَوَابٍ وَاحِدٍ، إِمَّا كَوْنُهُ يَدُلُّ عَلَى خَاصٍّ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْعَامِّ، فَلَمَّا عَرَضَ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا لِأَمْرٍ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، وَإِمَّا كَوْنُهُ مَعْرِفَةً لَا نَكِرَةً فَلِأَنَّ فَهْمَ الْجُزْئِيِّ لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ عَنْهُ، وَمَعْلُومٌ عِنْدَكَ أَنَّ التَّعْرِيفَ وَالتَّنْكِيرَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَضْعِ حَتَّى يُقَالَ أَنَّ وَضْعَهُ كُلِّيًّا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ نَكِرَةً، وَوَضْعَهُ جُزْئِيًّا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مَعْرِفَةً؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ يَحْدُثُ بَعْدَ الْوَضْعِ لِمَا يَعْرِضُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا وُضِعَ نَكِرَةً وَإِذَا نُودِيَ مَعَ الْقَصْدِ صَارَ مَعْرِفَةً، وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>