عن أكثر شيوخه، وأدرك من الشيوخ ما لم أدركه أنا. كان بيني وبينه في السن نحو من خمس عشرة سنة، صحبته قديما وحديثا. وكان حسن الصحبة والمعاشرة، حسن اللقاء قتلته البربر في سنة الفتنة وبقي في داره ثلاثة أيام مقتولا، وحضرت جنازته عفا الله عنه.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله الخولاني وقال: كان من أهل العلم، جليلا ومقدما في الآداب، نبيلا مشهورا بذلك. سمع بالأندلس ورحل إلى الشيوخ في البلدان وسمع منهم، وكتب عنهم. ثم توجه إلى المشرق فطلب الحديث، وعني بالعلم وكان قائما به نافذا فيه.
أخبرنا أبو بحر سفيان بن العاصي الأسدي في منزله قال: قرأت على أبي عمر ابن عبد البر النمري، قال أنشدنا أبو الوليد بن الفرضي لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف ... على وجلٍ مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها ... ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجوا سواك ويتقي ... ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي ... إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما ... يصد ذووا ودي ويجفو الموالف
قال أبو مروان بن حيان: كان ممن قتل يوم فتح قرطبة وذلك يوم الاثنين لستٍ خلون من شوال سنة ثلاثٍ وأربع مئة الفيقه الراوية الأديب الفصيح أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي المعروف بابن الفرضي أصيب هذا اليوم. وورى متغيرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة بمقبرة مومرة إلى أيام من قتله.