وكان: من أهل الفضل، والحلم والتواضع، وكتب بخطه علما كثيرا في غير ما نوع من العلم. وجمع كتابا حفيلا في الزهد والرقائق سماه: شفاء الصدور وهو كتاب كبيرٌ إلى غير ذلك من أوضاعه سمع الناس منه كثيرا، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الحديث عليه لثقته وجلالته وعلو إسناده وصحة كتبه. وكان صابرا على القعود للناس، مواظبا على الاستماع، يجلس لهم يومه كله وبين العشائين. وطال عمره. وسمع منه الآباء والأبناء، والكبار والصغار. وكثر أخذ الناس عنه وانتفاعهم به.
أخبرني ثقة من الشيوخ قال: جلست يوما إلى أبي القاسم بن خير الرجل الصالح بالمسجد الجامع بقرطبة، وهو كان إمام الفريضة به فقال لي: كنت أرى البارحة أبا محمد بن عتاب في النوم وكأن وجهه مثل دارة القمر تضيء للناس حسنا فكنت أقول بما صار له هذا! فكان يقال لي: بكثرة انتفاع المسلمين به وصبره لهم. أو كلاما هذا معناه. اختلفت إليه فقرأت عليه، وسمعت معظم ما عنده وأجاز لي بخطه سائر ما رواه غير مرة. وسألته عن مولده فقال لي: ولدت سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة وصحبته إلى أن توفي رحمه الله ظهر يوم السبت ودفن ظهر يوم الأحد الخامس من جمادى الأولى من سنة عشرين وخمسمائة. ودفن بمقبرة الربض قبلي قرطبة عند الشريعة القديمة واتبعه الناس ثناء حسنا وصلى عليه ابن أخيه أبو القاسم محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عتاب. وكان أبو القاسم هذا فاضلاً، ديناً، متصاونا. ً سمع معنا على عمه كثيرا من روايته واختص به. وتوفي رحمه الله ودفن صبيحة يوم الأحد الخامس من جمادى الآخرة من سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، ودفن مع سلفه وصلى عليه صهره القاضي أبو عبد الله بن أصبغ بوصيته بذلك إليه واتبعه الناس ثناء جميلا، وكان أهلا لذلك رحمه الله.
عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف الأموي: من أهل طليطلة سكن قرطبة، يكنى أبا الحسن: ويعرف بابن عفف. وهو جده لأمه.