والعمل، وعن أبي عبد الله محمد بن علي الحافظ الفسوي، وعن أبي الفضل مبارك بن علي الهراس، وعن أبي الحسن محمد بن علي بن صخر، وعن أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن والصابوني، وأبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وأبي الحسين عبد الملك بن سياوش الكازروني، وأبي بكر المفيد، وأبي ذر الهروي، وكريمة بنت أحمد السرخسية وجماعة كثيرة يطول ذكرهم سمع منهم وكتب الحديث عنهم.
وقدم الأندلس سنة ستٍّ وثلاثين ودخل قرطبة في هذا التاريخ، وأسمع الناس بها، وحدث عنه مشيختها وعلماؤها، وتطوف بسائر بلاد الأندلس نحو العامين، وقدم أيضا قرطبة مرة ثانية سنة ثمان وثلاثين فسمع منه أيضا.
وكان حافظا للحديث وطرقه، وأسماء رجاله ورواته، منسوبا إلى معرفته وفهمه. وكان يملي الحديث من حفظه، ويتكلم على أسانيده ومعانيه، وكان عارفا باللغة والإعراب، ذاكرا للغريب والآداب ممن عني بالرواية، وشهر بالفهم والدراية. يجمع إلى ذلك حسن الخلق وأدب النفس، وحلاوة الكلام، ورقة الطبع وصفه بهذا غير واحدٍ ممن لقيه وجالسه.
وذكره أبو عمر بن الحذاء في كتاب رجاله الذين لقيهم فقال: قدم علينا طليطلة وسنه يومئذ نحو الخمسين، وكانت له روايةٌ واسعة ومعه كتب كثيرة من روايته بالعراق والشام، والحجاز، ومصر. وكانت عنده غرائب، تجول بالأندلس نحو عامين، ثم انصرف إلى القيروان فوجهه الصنهاجي صاحب القيروان رسولا إلى القسطنطينية ثم انصرف عنها.
وكان لي صديقا وتكررت كتبه إلي من القيروان، ثم صرفه الصنهاجي إلى القسطنطينية فمات في طريقها إما واردا وإما صادرا رحمه الله.