للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ» «١» جزم ورفع. ولو نصبت على ما تنصب عليه عطوف الجزاء إذا استغنى لأصبت كما قال الشاعر «٢» :

فإن يهلك النعمان تعر مطِيَّةٌ ... وتُخْبَأَ فِي جوفِ العِيابِ قُطُوعُها «٣»

وإن جزمت عطفا بعد ما نصبت ترده على الأول، كان صوابا كما قَالَ بعد هَذَا البيت:

وتنحط حصان آخر اللّيل نحطه ... تقصم منها- أو تكاد- ضلوعها «٤»

وهو كثير فِي الشعر والكلام. وأكثر ما يكون النصب فِي العطوف إذا لم تكن فِي جواب الجزاء الفاءُ، فإذا كانت الفاءُ فهو الرفع والجزم.

وإذا أجبت الاستفهام بالفاء فنصبت فانصب العطوف، وإن جزمتها فصواب. من ذلك قوله فِي المنافقين «لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ» «٥» رددت «وَأَكُنْ» على موضع الفاء لأنها فِي محل جزمٍ إذ كان الفعل إذا «٦» وقع موقعها بغير الفاء جزم. والنصب على أن ترده على ما بعدها، فتقول:

«وأكون» وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود «وأكون» بالواو، وقد قرأ بها بعض «٧» القراء. قال: وأرى ذلك صوابا «٨» لأن الواو ربما حذفت من الكتاب


(١) آية ٢٧١ سورة البقرة.
(٢) هو النابغة الذبيانىّ. وانظر الديوان له وشرحه فى مجموعة الدواوين الخمسة. وهذا الشعر يقوله فى مدح النعمان بن الحارث الأصغر الغساني.
(٣) القطوع: جمع قطع. وهو كالطنفسة. والعياب: جمع عيبة وهو ما يوضع فيه الثياب. يقول: إن هلك النعمان ترك كل وافد الرحلة ولم يستعمل مطيته وخبأ فى جوف العياب الطنفسة التي توضع على الرحل استعدادا للرحيل.
(٤) تنحط: تزفر من الحزن. والحصان: المرأة العفيفة. يقول: إذا تذكرت الحصان معروفه هاج لها حزن وزفرات تنكسر لها ضلوعها أو تكاد تنكسر. وخص آخر الليل لأنه وقت الهبوب من النوم.
(٥) آية ١٠ سورة المنافقين.
(٦) سقط فى أ.
(٧) يريد أبا عمرو بن العلاء، وانظر البيضاوي، والبحر ٨/ ٢٧٥
(٨) يريد دفع ما يرد على قراءة أبى عمرو أنها مخالفة لرسم المصحف إذ ليس فيه: «أَكُونَ» بالواو. فذكر أن الواو قد تحذف فى الرسم وهى ثابتة فى اللفظ. [.....]