للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله عز وجل: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) يُقال: إنهما كانا اثنين فلان ابْنُ دهر، والآخر قدار «١» ، ولم يقل: أشقياها، وذلك جائز لو أتى لأن العرب إِذَا [أضافت] «٢» أفعل التي يمدحون بها وتدخل فيها (من) إلى أسماء وحدوها فِي موضع الاثنين والمؤنث والجمع، فيقولون للاثنين: هذان أفضل النَّاس، وهذان خير النَّاس، ويثنون أيضًا، أنشدني فِي تثنيته أَبُو القمقام الأسَدي:

ألا بكرَ النَّاعِي بِخيرَيْ بنى أسد ... بعمرِو بْن مسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ

فإِنْ تَسَلُوني بالبيانِ فإنَّه ... أَبُو مَعْقِل لا حيَّ عَنْهُ، ولَا حَدَدْ «٣»

قَالَ الفراء: أي لا يكفي عَنْهُ حيٌّ، أي لا يُقال: حيَّ عَلَى فلان سواه، ولا حدد: أي لا يحد عَنْهُ لا يحرم، وأنشدني آخر فِي التوحيد، وهو يلوم ابنين لَهُ:

يا أخبثَ الناسِ كل النَّاس قَدْ علموا ... لو تستطيعانِ كُنَّا مِثْل مِعْضاد «٤»

فوحَّد، ولم يقل: يا أخبثي، وكل صواب، ومن وحَّد فِي الاثنين قَالَ فِي الأنثى أيضًا:

هِيَ أشقى القوم، ومن ثنى قَالَ: هِيَ شُقْيا النسوة عَلَى فُعْلَى.

وأنشدني المفضل الضبي:

غَبَقْتُك عُظْمَاها سَنَامًا أَوِ انبرى ... برزقك براق المتون أريب «٥»

وقوله عزَّ وجلَّ: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ (١٣) نصبت الناقة عَلَى التحذير حذرهم إياها، وكل تحذير فهو نصب [١٤٠/ ا] ولو رفع عَلَى «٦» ضمير: هَذِهِ ناقة اللَّه، فإِن العرب قَدْ ترفعه، وفيه معنى التحذير، ألا ترى أن «٧» العرب تقول: هذا


(١) هو قدار بن سالف. [.....]
(٢) سقط فى ش.
(٣) ورد البيت الأول فى الصحاح (خير) منسوبا إلى سيرة ابن عمرو الأسدى، وفى الأغانى: ١٩: ٨٨ إلى نادبة بنى أسد. والمقصود بالسيد الصمد: خالد بن نضلة، وكان هو وعمرو بن مسعود نديمين للمنذر بن السماء، فراجعاه بعض القول على سكره، فغضب، فأمر بقتلهما.
(٤) المعضاد من السيوف: الممتهن فى قطع الشجر ... وهو كذلك سيف يكون مع القصابين تقطع به العظام (اللسان) .
(٥) حلب عظمى نوقه سناما فسقاه لبنها عشيا.
(٦) سقط فى ش.
(٧) فى ش: ألا ترى العرب نقول.