للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدوُّ هَذَا العدوُّ فاهربوا، وفيه تحذير، وهذا الليل فارتحلوا، فلو قَرَأَ «١» قارئ بالرفع كَانَ مصيبًا أنشدني بعضهم:

إن قومًا منهم عميرٌ وأشباهُ ... عُمَيْرٍ ومنْهُم السَّفَّاحُ

لجديرون بالوفاءِ إِذَا قا ... ل أَخو النجدة: السلاحُ السلاحُ «٢»

فرفع، وفيه الأمر بلباس السلاح.

وقوله عزَّ وجلَّ: فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها (١٤) .

يَقُولُ القائل: كيف كذبوه فعقروها؟ ونرى أن الكلام أن يُقال: فعقروها فكذبوه، فيكون التكذيب بعد العقر. وقد يكون عَلَى ما ظنّ، لأنك تَقُولُ: قتلوا رسولهم فكذبوه، أي: كفى بالقتل تكذيبًا، فهذا وجه، ويكون فكذبوه كلمة مكتفى بها، ويكون قوله:

(فعقروها) جوابا لقوله: (إذ انبعث أشقاها) ، فعقروها. وكذلك جاء التفسير. ويكون مقدمًا وَمؤخرًا لأن العقر وقع بالتكذيب، وإذا وقع الفعلان معا جاز تقديم أيهما شئت. من ذَلِكَ:

أعطيتَ فأحْسنت، وإن قلت: أحسنت فأعطيت كَانَ بذلك المعنى لأن الإعطاء هُوَ الإحسان، والإحسان هُوَ الإعطاء، كذلك العقر: هُوَ التكذيب. فقدمتَ ما شئتَ وأخرت الآخر.

ويقول القائل: كيف قَالَ: فكذبوه ولم يكذبوه قبل ذَلِكَ إذ رضوا بأن يكون للناقة شِربٌ ولهم شِرب فجاء فِي التفسير: أنهم كانوا أقرُّوا بهذا غير مصدقين له:

وقوله عز وجل: فَدَمْدَمَ (١٤) .

أرجف بهم. «فَسَوَّاها» (١٤) عليهم.

ويقال: فسوّاها: سوّى الأمة، أنزل العذاب بصغيرها وكبيرها بمعنى سوَّى بينهم.

وقوله عزَّ وجلَّ: وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥) .

أهل المدينة يقرءون: «فلا يخاف عقباها «٣» » بالفاء، وكذلك هى فى مصاحفهم، وأهل


(١) فى ش: قرأها.
(٢) ورد البيتان فى الجزء الأول من معانى القرآن ١/ ١٨٨ وفى الخصائص: لابن جنى ٣/ ١٠٢، والدرر اللوامع: ١: ١٤٦، ولم ينسبا إلى قائلهما.
(٣) سقط فى ش.