للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العام والليالي والأيام، فيقال: زرته العام، وأتيتك اليوم، وقتل فلان ليالي الحجاج أمير، لأنه «١» لا يراد أول الوقت وآخره، فلم يذهب به على معنى العدد كله، وإنما يراد به (إذ ذاك الحين) «٢» .

وأما قوله: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ يقال: إن الرفث الجماع، والفسوق السباب، والجدال المماراة فِي الْحَجِّ فالقراء على نصب ذلك كله بالتبرئة «٣» إلا مجاهدا فإنه رفع الرفث والفسوق ونصب الجدال. وكل ذلك جائز. فمن نصب أتبع أخر الكلام أوّله، ومن رفع بعضا ونصب بعضا فلان التبرئة فيها وجهان: الرفع بالنون «٤» ، والنصب بحذف النون. ولو نصب الفسوق والجدال بالنون لجاز ذلك فِي غير القرآن لأن العرب إذا بدأت بالتبرئة فنصبوها لم تنصب بنونٍ، فإذا عطفوا عليها ب «لا» كان فيها وجهان، إن شئت جعلت «لا» معلقة يجوز حذفها فنصبت على هذه النية بالنون لأن «لا» فى معنى صلة، وإن نويت بها الابتداء كانت كصاحبتها، ولم تكن معلقة فتنصب بلا نونٍ قال فِي ذلك الشاعر:

رأت إبلى برمل جدود أ [ن] لا ... مقيل لها ولا شربًا نقوعا «٥»

فنون فى الشرب، ونوى ب «لا» الحذف كما قال الآخر:

فلا أب وابنا مثل مروان وأبنه ... إذا هُوَ بالمجد ارتدى وتأزّرا «٦»


(١) سقط فى أ. [.....]
(٢) فى الطبري: «إذ ذاك، وفى ذلك الحين» .
(٣) يعنى: بلا التبرئة. وهى لا النافية للجنس.
(٤) يعنى نون التنوين يقال: نون الاسم ألحقه التنوين قال فى التاج: وتزاد- أي النون- للصرف فى كل اسم منصرف.
(٥) جدود: موضع فى أرض بنى تميم على سمت اليمامة. والمقيل: موضع القيلولة، وهى الاستراحة نصف النهار. والشرب: النصيب من الماء، والنقوع: المجتمع. وترى زيادة النون فى «أن» وهى لا بدّ منها، وقد سقطت من الأصول.
(٦) ورد هذا البيت فى سيبويه ١/ ٣٤٩. وهو من أبياته الخمسين التي لا يعرف قائلها. ونسبه ابن هشام لرجل من بنى عبد مناة يمدح مروان بن الحكم وابنه عبد الملك، ونسب فى شرح شواهد الكشاف للفرزدق وانظر الخزانة ٢/ ١٠٢، والعيني على هامشها ٢/ ٣٥٥