للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى «١» ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ «٢» هُوَ جزاء، المعنى:

إن تصوموا فهو خير لكم. فلما أن صارت (أن) مرفوعة ب (خير) «٣» صار لها ما يرافعها إن فتحت وخرجت من حد الجزاء. والناصب كذلك.

ومثله من الجزاء الَّذِي إذا وقع عليه خافض أو رافع أو ناصب ذهب عَنْهُ الجزم قولك: اضربه من كان، ولا آتيك ما عشت. فمن وما فِي موضع جزاء، والفعل فيهما مرفوع «٤» فِي المعنى لأن كان والفعل الَّذِي قبله قد وقعا على (من) و (ما) فتغير عن الجزم ولم يخرج من تأويل الجزاء قال الشاعر «٥» :

فلست مقاتلا أبدًا قريشا ... مصيبا رغم ذلك من أصابا

فِي «٦» تأويل رفع لوقوع مصيب على من.

ومثله قول اللَّه عز وجل وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ «٧» إن جعلت (من) مردودة «٨» على خفض (الناس) فهو من هذا، و (استطاع) فِي موضع «٩» رفع، وإن نويت الاستئناف بمن كانت جزاء، وكان الفعل بعدها جزما، واكتفيت بما جاء قبله من جوابه. وكذلك تقول فِي الكلام: أيهم يقم فاضرب، فإن قدمت الضرب


(١) آية ٢٣٧ سورة البقرة.
(٢) آية ١٨٤ سورة البقرة.
(٣) فى ش، ج: (بخبر) .
(٤) يريد أن الفعل لا يكون مجزوما، وإذا كان ماضيا لفظا فهو مراد به الاستقبال، فهو فى تأويل المضارع المرفوع. وفى الأصول: «موقوع» وهو تحريف.
(٥) هو الحارث بن ظالم. والبيت من قصيدة مفضلية. وانظر شرح المفضليات لابن الأنبارى ٥١٧ [.....]
(٦) يريد أن «أصاب» فى البيت فى موقع رفع لأن «من» مفعول «مصيب» وبهذا خرجت «من» عن معنى الجزاء، فلم يكن الفعل معها فى موضع الجزم.
(٧) آية ٩٧ سورة آل عمران.
(٨) يريد أنها بدل من (الناس) .
(٩) كأنه يريد أن (استطاع) فى مكان يستطيع المرفوعة.