للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كيف قال قوله: فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ ... (٢٦٥)

وهذا الأمر قد مضى؟ قيل: أضمرت (كان) فصلح الكلام. ومثله أن تقول: قد أعتقت عبدين، فإن لم أعتق اثنين فواحدا بقيمتهما، والمعنى إلّا أكن لأنه ماض فلا بد من إضمار كان لأن الكلام جزاء. ومثله قول الشاعر:

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ... ولم تجدي من أن تقرى بها بدا «١»

وقوله: وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ... (٢٦٧)

فتحت (أن) بعد إلا وهي فِي مذهب جزاء. وإنما فتحتها لأن إلا قد وقعت عليها بمعنى خفضٍ يصلح. فإذا رَأَيْت (أن) فِي الجزاء قد أصابها معنى خفضٍ أو نصب أو رفع انفتحت. فهذا من ذلك. والمعنى- والله أعلم- ولستم بآخذيه إلا على إغماض، أو بإغماض، أو عن إغماض، صفة «٢» غير معلومة. ويدلك على أنه جزاء أنك تجد المعنى: إن أغمضتم بعض الإغماض أخذتموه. ومثله قوله: إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ «٣» ومثله إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ «٤» هذا كله جزاء، وقوله وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «٥» ألا ترى أن المعنى: لا تقل إني فاعل إلا ومعها إن شاء اللَّه فلما قطعتها (إلا) عن معنى الابتداء، مع ما فيها من نية الخافض فتحت. ولو لم تكن فيها (إِلا) تركت على كسرتها من ذلك أن تقول:

أحسن إن قبل منك. فإن أدخلت (إلا) قلت: أحسن إلا ألا يقبل منك. فمثله


(١) انظر ص ٦١ من هذا الجزء.
(٢) يريد أن حرف الجر المحذوف فى (أن تغمضوا) يصح تقديره على أو عن أو الباء فهو غير معين.
(٣) آية ٢٢٩ سورة البقرة.
(٤) آية ٢٣٧ سورة البقرة.
(٥) آية ٢٤ سورة الكهف.