للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ (٣) وإنما خاطب «١» النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده لأن ما أنذر بِهِ فقد أنذرت بِهِ أمته كما قال: يا أَيُّهَا «٢» النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فخاطبه، ثُمَّ جعل الفعل للجميع، وأنت قد تَقُولُ للرجل: ويحك أما تتقون الله، تذهب إليه وإلى أهل بيته أو عشيرته. وقد يكون قوله: (اتبعوا) محكيا من قوله (لتنذر به) لأن الإنذار قول، فكأنه قيل لَهُ: لتقول لَهم اتبعوا كما قَالَ الله تبارك وتعالى: يُوصِيكُمُ «٣» اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لأن الوصية قول.

ومثله: يا أَيُّهَا «٤» النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ. ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ «٥» فجمع.

وقوله: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها (٤) يُقال: إِنَّما أتاها البأس من قَبْل الإهلاك، فكيف تقدم الهلاك؟ قلت:

لأن الهلاك والبأس يقعان معًا كَمَا تَقُولُ: أعطيتني فأحسنت، فلم يكن الإحسان بعد الإعطاء ولا قبله: إنّما وقَعا معًا، فاستجيزَ ذَلِكَ. وإن شئت كَانَ المعنى:

وكم من قريةٍ أهلكناها فكان مجيء البأس قبل الإهلاك، فأضمرت كَانَ.

وإنَّما جازَ ذَلِكَ عَلَى شبيه بِهذا المعنى، ولا يكون فِي الشروط التي خَلَفْتها «٦» بِمقدّم معروف أن يقدم المؤخر أو يؤخر المقدم مثل قولك: ضربته فبكى، وأعطيته


(١) يريد أن الخطاب فى هذا للرسول صلى الله عليه وسلم إذ هو الموجه إليه الكلام من قبل فى قوله:
كتاب أنزل إليك، وكان وجه الخطاب على هذا: اتبع ما أنزل إليك من ربك، ويذكر المؤلف أنه ذهب بالخطاب إلى الرسول وأمّته.
(٢) أول سورة الطلاق.
(٣) آية ١١ سورة النساء.
(٤) أول سورة التحريم.
(٥) آية ٢ سورة التحريم.
(٦) أي وقعت مكانها. ولو كان «خالفتها» كان المعنى أظهر. [.....]