للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا أن يضمر فِي ذَلِكَ الاسم الفاء. فإذا أضمرت الفاء ارتفعَ الجواب فِي منصوب الاسماء ومرفوعها لا غير. واحتج بقول الشاعر «١» :

وللخيلِ أَيّامٌ فَمَنْ يَصْطَبِرْ لَهَا ... وَيَعْرِفْ لَهَا أيامها الخير تعقب

فجعل (الخير) منصوبا ب (تعقب) . (والخير) فِي هَذَا الموضع نعت للأيام كأنه قَالَ: ويعرف لَهَا أيامها الصالحة تعقب. ولو أراد أن يجعل (الخير) منصوبا ب (تعقب) لرفع (تُعْقب) لأنه يريد: فالخير تعقبه.

وقوله: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ (٧) عَلَى التعجب كما تَقُولُ: كيف يُسْتَبقَى مثلك أي لا ينبغي أن يستبقى. وهو فِي قراءة عبد الله (كيف يكون للمشركين عهد عند الله ولا ذمة) فجاز دخول (لا) مع الواو لأن معنى أول الكلمة جحد، وَإِذَا استفهمت بشيء من حروف الاستفهام فلك أن تدعه استفهامًا، ولك أن تنوي بِهِ الجحد. من ذَلِكَ قولك: هَلْ أنت إلا كواحد مِنّا؟! ومعناهُ: ما أنت إلا واحد منا، وكذلك تَقُولُ: هَلْ أنت بذاهب؟ فتدخل الباء كما تَقُولُ: ما أنت بذاهب. وقال الشاعر:

يقول إذا اقلولى عليها وأقردت ... ألا هَلْ أَخُو عيشٍ لَذِيذٍ بدائم «٢»

وقال الشاعر:

فاذهب فأي فتى في الناس أحرزه ... من يومه ظلم دعج ولا جبل «٣»


(١) هو طفيل الغنوي. والبيت من قصيدة عدتها ٧٦ بيتا، فالها فى غارة له على طيء أكثرها فى وصف الخيل. يقول: إن الخيل تنفع فى الغارات والدفاع عن الذمار وتبلى البلاء الحسن، فمن يعرف هذا لها ويصبر على العناية بها أعقبته الخير ودفعت عنه الضير. وأنظر الخزانة ٣/ ٦٤٢
(٢، ٣) انظر ص ١٦٤ من هذا الجزء.