للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ولا جبل، للجحد وأوّله استفهام ونيَّته الجحد معناهُ لَيْسَ يحرزه من يومه شيء. وزعم الْكِسَائي أَنَّهُ سمع العرب تَقُولُ: أين كنت لتنجو مني، فهذه اللام إنَّما تدخل ل (ما) التي يُراد بِهَا الجحد كقوله: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا «١» ، وَما كُنَّا «٢» لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ.

وقوله: كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ (٨) اكتفى ب (كيف) ولا فعل معها لأن المعنى فيها قد تقدّم فِي قوله: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَإِذَا أعيد الحرف وقد مضى معناهُ استجازوا حذف الفعل كما قَالَ الشاعر «٣» :

وخبرتماني أنّما الموتُ فِي القُرَى ... فكيفَ وهذي هَضْبَةٌ وكثيب

وقال الحطيئة:

فكيفَ ولم أَعْلَمْهُمُ خَذَلوكُمُ ... عَلَى معظم ولا أديمكم قدّوا «٤»


(١) آية ١١١ سورة الأنعام.
(٢) آية ٤٣ سورة الأعراف.
(٣) هو كعب بن سعد الغنوي من قصيدة يرثى فيها أخاه أبا المغوار، وقد ذكره فى قوله:
وداع دعا: يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيب
فقلت: ادع أخرى وارفع الصوت جهرة ... لعل أبى المغوار منك قريب
يقول: إن الناس تعتقد أن فى الريف الوباء والمرض، وفى البادية الصحة وطيب الهواء، وقد مات أخوه وهو فى حر البادية بين هضبة وقليب، أي بئر لا نهر يجرى فى القرى. وورد الشطر الثاني فى اللسان (الألف اللينة) :
فكيف وهاتا روضة وكثيب.
(٤) من قصيدته فى مدح بنى شماس بن لأى من بنى سعد. والمعظم بفتح الظاء وكسرها: الأمر العظيم.
يقول: إن بنى شماس يقومون بنصرة عشيرتهم، ومع ذلك يحسدهم قومهم. وقدّ الأديم: شقه.
يقول: لا يقدح فى عرضكم ولا يفسد أمركم.