للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أن تكون الهمزة لإنكار أن يكون الفعل من أصله، ومثاله قوله تعالى (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقولون قولاً عظيماً). وقوله تعالى (أصطفى البنات على البنين مالكم كيف تحكمون). فهذا رد على المشركين، وتكذيب لهم في قولهم ما يؤدي إلى هذا الجهل العظيم، وإذا قدم الاسم في هذا صار من الإنكار في الفاعل، كما تقول للرجل إذا انتحل شعراً (أأنت قلت هذا الشعر، كذبت، لست ممن يقول مثله) فأنكرت أن يكون هولا القائل ولم تنكر الشعر. وقد يكون المراد إنكار الفعل من أصله ثم يخرج اللفظ مخرجه إذا كان الإنكار في الفاعل مثال ذلك قوله تعالى (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً). ومعلوم أن المعنى على إنكار إنه قد كان من الله إذن فيما قالوا من غير أن يكون هذا الأذن قد كان من غير الله، فأضافوه إلى الله، إلا أن اللفظ أخرج مخرجه ليكون أشد لنفي ذلك ولفظا له. ونظيره قوله تعالى (آالذكرين حرم أم الأنثيين) فأخرج اللفظ مخرجه إذ كان قد ثبت تحريم في أحد أشياء ثم أريد معرفة عين المحرم، مع أن المراد إنكار التحريم من أصله، ونفي أن يكون قد حرم شيئاً مما ذكروا أنه محرم. هذا هو الفرق بين تقديم الاسم، وتقديم الفعل الماضي، فإذا كان الفعل مضارعاً فالقول في ذلك أنك إذا قلت (أنفعل كذا) لم يخل من أن تزيد الحال أو الاستقبال، فإن أردت الحال كان المعنى شبيهاً بالماضي، كما ذكرنا، وان أردت الاستقبال كان المعنى إذا بدأت بالفعل أنك تعمد إلى إنكار الفعل نفسه، وتزعم إنه لا يكون، أو إنه لا ينبغي أن يكون. فمثال الأول قول امرئ القيس:

<<  <   >  >>