حقه وافياً، فضلاً عن أن يتعصب له. وتقديم الكاذب على الصادق من (هذا) القبيل، وكذلك قوله تعالى:(إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) أي لو كان مسرفاً كذاباً لما هداه للنبوة ولا عضده بالبينات.
فتدبر أيها المتأمل لهذه الدقائق اللطيفة تضع يدك على النقط في صناعة التأليف.
النوع السابع والعشرون من الباب الأول من الفن
الثاني في الأرصاد
وهو نوع من أنواع علم البيان، لطيف المأخذ، دقيق الصنعة؛ وذلك أن يبني
الشاعر البيت على قافية قد أرصدها له أي أعدها في نفسه، فإذا أنشد صدر البيت عرف ما يأتي به في قافيته؛ وذلك من محاسن التأليف، لأن خير الكلام ما دلَ بعضه على بعض. وفي هذه الصناعة يقول ابن نباتة:
خذها إذا أنشِدَتْ للقومِ من طَرَب ... صدورها عرفت منها قوافيها
يَنْسى لها الراكبُ العَجْلان حاجته ... ويُصبح الحاسدُ الغضبان يُطربها