[النوع الثامن والعشرون من الباب الأول من الفن الثاني]
في التوشيح
وهو أن يبني الشاعر أبيات قصيدته على بحرين مختلفين. فإذا وقف من البيت على القافية الأولى، كان شعراً مستقيماً من بحر على عروض. وإذا أضاف إلى ذلك ما بني عليه شعره من القافية الأخرى، كان أيضاً شعراً مستقيماً من بحر
آخر على عروض، وصار ما يضاف إلى القافية الأولى كالوشاح، فمن ذلك قول بعضهم:
أسلم ودمت على الحوادث مارسا ... رُكنْا ثَبيرٍ أو هضابُ حِراءِ
ونل المراد ممكّناً منه على ... رغم الدهور وفز بطول بقاء
وهذا من محاسن صناعة التأليف فاعرفه، ألا ترى إلى هذين البيتين يذكران على قافية أخرى وبحر آخر، نحو قولنا:
أسلم ودمت على الحوا ... دث مارسا ركنا ثبير
ونل المراد ممكّناً ... منه على رغم الدُّهور
وأمثال هذا كثيرة، فاعرفه، إلا أن فيه نوع إشكال، وصعوبة.
النوع التاسع والعشرون من الباب الأول من الفن الثاني
في الأخذ والسرقة
والإشارة إلى الجيد من ذلك الذي لا بأس به. والرديء الذي لا فسحة في استعماله. لأنه عيب في الكلام فاحش.
اعلم أنه لا يخلو المؤلف السارق معنى من المعاني المسبوق هو إليها من أحد قسمين. إما أن يذكر ذلك المعنى بلفظه من غير تغيير له، وهذا يسمى (النسخ) مأخوذاً من (نسخ الكتاب: إذا نقله على هيئته وصورته). وإما أن يغير لفظه الأول، ويبدله بغيره. وهو ضربان: أحدهما أن يخرجه في معرض جميل وهيئة حسنة، وذلك يسمى (السلخ) مأخوذاً من (سلخ جلد الشاة): لأنه أخذ بعض الشيء المسلوخ. والآخر أن يخرجه من معرض رديء وهيئة قبيحة،