للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذكره قدامة، لأن اليد غير الرجل لا ضدها، والموضع الذي يقعان منه واحد، وكذلك المعنيان يكونان غير بن أي مختلفين، واللفظ الذي يجمعهما واحد، فقدامة سمى هذا النوع من الكلام المطابقة، حيث كان الاسم مشتقا مما سمي به، وذلك مناسب وواقع (موقعه) إلا أنه قد جعل للتجنيس اسماً آخر هو المطابقة، ولا بأس به. وأما جماعة العلماء فكأنهم سمواً هذا الضرب من الكلام مطابقاً، بغير اشتقاق، ولا مناسبة بينه وبين مسماه. كذا هو الظاهر لنا من هذا الأمر، إلا أن يكونوا قد علموا لذلك مناسبة لطيفة، لم نطلع نحن عليها، ولنرجع نحن إلى هذا النوع من التأليف ونحقق الكلام فيه فنقول:

اعلم أن الأليق من حيث المعنى أن يسمى هذا النوع (المقابلة) لأنه لا يخلو الخال في ذلك من ثلاثة أقسام: أما أن يقابل الشيء بضده أو بغيره (أو بمثله) وليس لنا قسم رابع.

فأما القسم الأول وهو مقابلة الشيء بضده، كالسواد والبياض وما جرى مجراه فكقوله تعالى (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيراً). ألا ترى إلى صحة هذه المقابلة البديعة؛ حيث قابل الضحك بالبكاء والقليل بالكثير؟. وكذلك قوله تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم). وهذا من أحسن ما يجيء في هذا الباب. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خير المال عين ساهرة لعين نائمة). ومن هذا قول بعضهم في السحاب:

وله بلا حزن ولا بمسرّة ... ضحك يراوح بينه وبكاء

<<  <   >  >>