للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى). وأمثال هذا في القرآن كثيرة، فاعرفه.

النوع السادس من الباب الثاني

في إتلاف صيغ الألفاظ

وهو من صناعة التأليف بمنزلة علية ومكانة شريفة

اعلم أن الألفاظ إذا نقلت من أسلوب إلى أسلوب كنقلها من الواحد إلى الجمع أو إلى التثنية، أو إلى التأنيث أو إلى غير ذلك انتقل حسنها وصار قبحاً، أو قبحها وصار حسناً. دليل ذلك؛ أن التاء التي تزاد في آخر الاسم للفرق في الصفة نحو: مقعد ومقعدة. ألا ترى إلى لفظة (مقعد) الدالة على مكان الجلوس تجمع على مقاعد، ولفظة (مقعدة) الدالة على المحل المخصوص من الحيوان تجمع على (مقاعد) أيضاً؛ فإذا وردت هذه اللفظة أعني (مقاعد) في الكلام، والمراد جمع (مقعد) استقبحت لمماثليها لجمع (مقعَدة) وذلك مما يكره ذكره؛ وإذا وردت منفردة برأسها لم تستقبح ولا تستكره، قال الله تعالى: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر). ولأجل ذلك لما جاءت لفظة (مقاعد) في القرآن الكريم أضيفت إلى ما لا يحتمل معه الاستقباح، فقال جلّ وعلا: (وإذ غدوت من أهلك تبوّئ المؤمنين مقاعد للقتال) ولولا إضافة مقاعد إلى القتال لا ستقبح إيرادها هاهنا. وهذا لا يخفى على من له أدنى معرفة بهذه الصناعة، إلا أن هذا المثال الذي مثلناه لا يطرد فيما هذا سبيله، وإنما يقع في بعض الألفاظ دون بعض، وقد نبهنا عليه في كتابنا ليعرف محله من التأليف.

ومن ذلك أيضاً ما أشرنا إليه في صدر الكتاب في باب الألفاظ المركبة وهو أنك ترى

<<  <   >  >>