للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هذا النحو قوله تعالى (كذبت قبلهم قومُ نوح وعادٌ وفرعون ذو الأوتاد، وثمودُ وقومُ لوطٍ وأصحاب الأيْكَة أولئك الأحزابُ، إنْ كُلٌ إلا كّذبَ الرُسلَ فحقَّ عقابي) وإنما كرر تكذيبهم هاهنا لأنه لم يأت به على أسلوب واحد، بل تنوع فيه بضروب من الصنعة فذكره أولاً في الجملة الخبرية على وجه الإبهام، ثم جاء به بالجملة الاستثنائية، فأوضحه بأن كل واحد من الأحزاب كذب جميع الرسل لأنهم إذا كذبوا واحداً منهم فقد كذبوا جميعهم. وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه، والتنوع في تكريره بالجملة الخبرية أولاً وبالاستثنائية ثانياً، وما في الاستثناء من الواضح علة جهة التأكيد والتخصيص من المبالغة المسجلة عليهم، باستحقاق أشد العذاب في أبلغه (من البيان ما لا خفاء فيه).

وهذا باب من تكرير اللفظ والمعنى غامض، وبه يعرف مواقع التكرير والفرق بينه وبين غيره، فافهمه.

الفرع الثاني من الضرب الأول

إذا كان التكرير في اللفظ والمعنى يدل على معنى واحد

والمراد به غرض واحد كقوله تعالى: (والله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء) إلى قوله: (. . . لمبلسين) فقوله (من قبله) بعد قوله (من قبل) فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد بعد وتطاول فاستحكم يأسهم، وتمادى إبلاسهم، فكان الاستبشار على قدر اهتمامهم.

ومثل من قوله تعالى (فكان عاقبتهما أنَّهما في النار خالدين فيها) وكذلك قوله تعالى (ولا تحْسَبنَّ الذين يفرَحون بما أتَوْا ويُحْمدوا بما لم يفعلوا، فلا تحسبنهم

<<  <   >  >>