وهو قسمان: أحدهما يوجد في اللفظ والمعنى، والآخر يوجد في المعنى دون اللفظ فأما الذي يوجد في اللفظ والمعنى فكقولك لمن تستدعيه (أسرِعْ أسرِع) ومنه قول أبي الطيب المتنبي:
ولم أرَ مثر جِيْراني ومِثلي ... لمثلي عند مثلهم مقام
وأما الذي يوجد في المعنى دون اللفظ فكقولك (أطلعني ولا تعصني) فإن الأمر بالطاعة نهي عن المعصية. وكل من هذين القسمين ينقسم إلى مفيد وغير ذلك. فالمفيد يأتي في الكلام تأكيداً له وتشييداً من أمره، وإنما يفعل ذلك للدلالة على معظم محل الشيء، الذي كررّت فيه كلامك، والإشعار بفخامته شأنه وعلو قدره، أو الدلالة على حقارته والإعلام بهوانه واتضاعه. وغير المفيد لا يأتي في الكلام
إلا عَبَثاً وخَطَلاً، من غير حاجة إليه.
فأما الأول وهو الذي يوجد في اللفظ والمعنى ويدل على معنى فهو ضربان: مفيد وغير مفيد.
[فالضرب الأول وهو المفيد فرعان]
الأول إذا كان التكرير في اللفظ والمعنى يدل على المعنى واحد المقصود به غرضان مختلفان كقوله تعالى (وإذ يَعِدُكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم، وتَوَدُّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ويُريد الله أن يُحِقَّ الحق بكلماته ويَقْطَعَ دابِرَ الكافرين، ليُحِقَّ الحقَّ ويُبْطِلَ الباطلَ ولو كره المجرمون) هذا تكرير في اللفظ (وهو قوله)(يحق الحق وليحقَّ الحق) وإنما جيء به هاهنا لاختلاف المراد، وذلك أن الأول تمييز بين الإرادتين، والثاني بيان لغرضه فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم، ونصرتهم عليها، وأنه ما نصرهم ولا خذل أولئك إلا لهذا الغرض.