وما لامرئ حاولته عنك مهربٌ ... ولو حملته في السماء المطالع
بلى هارب لا يهتدي لمكانه ... ظلام ولا ضوء من الصبح ساطع
فهذا هو الكلام، الذي ألفاظه وفاق معانيه. فإنه قد اشتمل على مدح رجل، (في) شمول ملكه، وعموم سلطانه، وأن لا مهرب عنه لمن يحاوله وان صعد السماء، ثم ذكر جميع المهارب، في المشارق والمغارب، فأشار إلى إنه يبلغ حيث يبلغ الضياء والظلام، وذلك مما لم ترد عبارته على المعنى المندرج تحته ولا قصرت عنه.
ومن هذا النحو ما جاء في كتاب النوادر. قول بعضهم:
ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعَدَها إذا لم تقدر!
فسل اللبيب تكن لبيباً مثله ... من يسع في علم باب يمهر
وتّدير الأمر الذي تعنى به ... لا خير في عمل بغير تدير
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكلَّ أمر منكر
وبقيت في خلف يزين بعضهم ... بعضاً ليدفع مُعْوِر عن معور
فهذا النمط الرضي، والكلام العلي، والمنهج القويم، والصراط المستقيم تروقك بهجته، إذا قرع سمعك، ويؤنسك إذا سكن قلبك، قد رقي درجات الإيجاز، إلى أن يكاد ينزل بساحة الإعجاز، وأمثال ذلك كثير في كلام البلغاء، وفيما ذكرته كفاية ومقنع.
الضرب الثاني من القسم الثاني من النوع الرابع
فيما زاد معناه على لفظه
ويسمى هذا الضرب (الإيجاز بالقصر)، والقرآن الكريم ملآن من ذلك، كقوله